الأعراس التقليدية في ريف "عفرين" ليست أيام فرح فحسب، بل تتميز بأنها كرنفالات محبة تضم فعاليات اجتماعية وفنية ورياضية واقتصادية منوعة، ومن هذه الفعاليات ما يسمى شعبياً سوق الأعراس.

مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 26 شباط 2015، العمة "بياظ حمو" التي تحدثت بالقول: «تختلف الأعراس الريفية التقليدية عن أعراس أهل المدن بأنها تتضمن مجموعة من التقاليد والطقوس الاجتماعية الشيقة التي تتم ممارستها خلال أيام الفرح وتستمر عادة لسبعة أيام بلياليها لكنها أصبحت حالياً يومين وليلة.

بانتهاء العرس يقوم البائع بوضع بضاعته في صناديق خشبية خاصة يحملها حماره لينتقل إلى عرس آخر وساحة أخرى، ليبيع بضاعته بعد أن يشتريها من أقرب مدينة له

تقام أعراس الريفيين في ساحة القرية الرئيسة أو ساحة بيادر القرية بحضور الأهل والأقارب والمدعوين من مختلف القرى الذين يتوزعون على بيوت القرية ليلاً لقضاء أجمل السهرات الفنية، وهؤلاء المدعوين كانوا يبقون في قرية أهل العريس مدة سبعة أيام بلياليها.

العطار المتنقل بين القرى التي تقام فيها الأعراس

والمعروف أن معظم مطربي المنطقة تخرجوا في تلك الساحات؛ حيث كانوا يؤدون أغانيهم الفلكلورية والتراثية، كما كانت تلك الليالي تشهد تقديم مسرحيات تمثيلية تسمى "القشمر" وألعاباً مسلية كثيرة كجزء من الطقوس الاجتماعية المرتبطة بالأعراس».

وأضافت: «بما أن الأعراس الريفية كانت تستمر لسبعة أيام بلياليها -كما قلت- فقد كان الحاضرون وهم كثر يحتاجون خلال تلك الفترة إلى شراء حاجياتهم الشخصية، ولذلك جرت العادة أن يقام سوق تجاري صغير يؤمن لهم متطلباتهم من مختلف الأغراض الشخصية والأشياء المرتبطة بالأعراس مثل: الطلقات النارية والحلاوة والكعك ومناديل الرقص وأقمشة "الشراويل" السوداء التي يرتديها سكان "عفرين" والتبغ البلدي وغير ذلك.

عرس تقليدي ريفي

بالنسبة للنساء فكن يشترين متطلباتهن من مواد الزينة والأقمشة والمناديل الملونة للرقص من البائعات المتجولات وذلك مقابل الزيت أو البيض أو الصابون، أما الرجال فكانوا يحصلون على حاجياتهم من "سوق الأعراس"».

ويقول العم "خليل أوسو" عن "سوق الأعراس" وذكرياته: «"سوق الأعراس" هو عبارة عن فعالية اقتصادية وتجارية متنقلة تقام بجوار مكان إقامة حفلات الأعراس التقليدية التي كانت تمتد سبعة أيام في العادة، وينتهي في اليوم الأخير من أيام العرس والبائع فيه يسمى شعبياً "العطّار".

العم خليل أوسو

وكان السوق يضم بضائع متنوعة متعلقة بالأعراس التقليدية وطقوسها مثل مناديل الرقص التي كان الحضور يشترونها وخاصة الأطفال منهم، كما كان والد العريس وبحسب الأعراف الاجتماعية يشتري مناديل صفراء وحمراء وخضراء ليقدمها خصيصاً "للسركوفند" وهو راقص المقدمة في الدبكات، وتبقى تلك المناديل مع راقصي المقدمة حتى اليوم الأخير من العرس.

كما كان السوق يضم "الحلاوة والكعك"؛ لأن الحاضرين كانوا يتسلون بلعبة تراثية شائعة تسمى "الشرط"؛ إذ يشتري الخاسرون الحلاوة أو الكعك للرابحين، وبما أن أغلب زبائن السوق هم من الأطفال فقد كان السوق يضم أيضاً "القضامة والبزر" وسكر الخيطان الذي يتألف من حبات سكر "الدروبس" المرتبطة بعضها مع بعض بخيوط».

ويضيف العم "خليل": «إن أهم بضاعة كانت تباع في أسواق الأعراس هي البارود والصواعق والطلقات النارية المتنوعة لأن إحدى عادات الأعراس في منطقة "عفرين" كانت الإطلاق الكثيف للنار في الهواء كأحد أشكال الابتهاج والفرح*، خاصة عند خروج العروس من بيت والدها ولدى وصولها إلى بيتها الجديد، وخلال انتهاء المطربين من أداء أغانيهم وغير ذلك من المواقف الحماسية.

ومن التقاليد المرتبطة بسوق الأعراس أن كل ما يشتريه الحضور من طلقات نارية وصواعق وبارود هو مجاني، وفي اليوم الأخير من العرس يقوم البائع بطلب حسابه من العريس الذي يدفع له ثمن كل البارود والطلقات والصواعق؛ ولذلك ظهر المثل الكردي المعروف والشائع: "أطلق النار كما تشاء فالبارود من كيس العريس"».

وختم: «بانتهاء العرس يقوم البائع بوضع بضاعته في صناديق خشبية خاصة يحملها حماره لينتقل إلى عرس آخر وساحة أخرى، ليبيع بضاعته بعد أن يشتريها من أقرب مدينة له».

  • هذه العادة لم تعد موجودة في الأعراس حالياً.