للحمامات الشعبية العامة حضور مميز في حياة أهل المْدينة* في "حلب"؛ فهناك تقاليد وطقوس ومسميات متميزة مرتبطة بمناسبات خاصة توارثوها منذ مئات السنين.

مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 21 كانون الثاني 2015، العم "نوري يوسف" الذي حدثنا عن بعض التقاليد المرتبطة بالحمام الشعبي قائلاً: «النظافة والاغتسال من أهم الأمور التي يتصف بها الحلبي في حياته اليومية؛ لذا كان للحمام العام وما زال حضور مهم في حياته اليومية، وترتبط الحمامات في الحياة الاجتماعية لأهل المْدينة بعدد من المناسبات التقليدية كالعرس والولادة والعطلة الأسبوعية وشهر رمضان المبارك، حيث يجتمع الناس مساءً للاستحمام والاستمتاع بالوقت، وفي التقاليد الحلبية يتم تقسيم أوقات الحمام في النهار للنساء وفي الليل للرجال، أما في المناسبات الخاصة كالعرس أو الخطبة تقوم الأسرة بحجز الحمام من الصباح وحتى المساء، ومن هذه المناسبات "صباحية العروسين"؛ حيث يقوم عدد من الأصدقاء المقربين للعريس بإقامة عزيمة خاصة له في الحمام تستمر حتى المساء وسط الرقص والتصفيق والغناء.

إن كان "الزبل" جافاً سلمه للوقّاد وإلا نشره على سطح الحمّام، وإن كان فائضاً على السطح نشره في الأرض الخاصة بنشر الزبل المسماة "مناشر الزبل" في حي "التلل" حين كان سلسلة من التلال، وكان هناك "زقاق الزبّال" في "التلل" اسمه اليوم "زقاق بُحيرا الراهب"

ويوم الخميس مساءً أو ليلة الجمعة وكتقليد اجتماعي أسبوعي يرتاد الحمام جميع أهل الحي للاستحمام بعد قيامهم بحلق رؤوسهم وذقونهم عند الحلاق، حيث يتبادلون الأحاديث الخاصة بأمورهم الاجتماعية والتجارية حتى ساعات متأخرة من الليل.

العم نوري يوسف

كما تشهد ليالي شهر رمضان المبارك سهرات جميلة داخل الحمامات؛ تبدأ بعد صلاة التراويح وتستمر حتى السحور، وتشمل الاستحمام وتناول الشاي والزهورات والقهوة، أما في ليلة عيدي الفطر والأضحى فتستمر الحمامات بفتح أبوابها حتى ساعات الصباح الأولى».

هذه بعض التقاليد المرتبطة بالحمامات في "حلب"، أما حول التسميات التراثية الخاصة بعمال الحمام ورواده فتحدث الباحث التراثي الدكتور "محمد نور الدين التنبي" بالقول: «للعاملين في الحمامات الشعبية وروادها تسميات تراثية خاصة ومتميزة في "حلب"، ومن هذه التسميات: "الفتّاحة" ويطلقونها على "فتّاحة الحمام" وهي المرأة التي تفتح الماء من "حنكّة" الحمّام للنساء وتسدّها بالخرق، كما أنها تشرف على عملية مزج الماء البارد والساخن في خزان الحمّام، و"القيّمة" وأطلقوها على المرأة التي تقوم بغسل النساء في الحمّام مقابل أجر كما تحشو لهن الحنّاء وتدهن النفساء بالزنجبيل، و"الدبس ولسان العصفورة، والآس، والزيت، والبيض" وتمشّطهن.

الدكتور محمد نور الدين التنبي

"المكَيّس" وهو من يقوم بتكييس الشخص في الحمام وتدليك جسمه ومن ثم غسله بالصابون، وفي هذا يقول الحلبيون: "كيّسو المْكيّس في الحمّام وبعدا صوبنو".

ومن عمال الحمام أيضاً "الناطُور" وهو أجير الحمّام في البرّاني، الذي يقدّم المناشف للمستحمين، و"الوقاد" ويطلقون التسمية على من يشعل القمّيم في الحمام أو بيت النار، ثم في عصر البخار استعملوه لمن يشعل نار القاطرة والباخرة.

الشقيان

"التبَع" وهو أجير الحمّام الذي يقوم بالعمل داخله، و"الزبّال" وأطلقوها على من يجمع روث الدواب، يجمعها بـ"شليف" كبير على ظهر دابة ويبيعها للقمّيم لتكون وقوداً، وكان "زبّال الحمّام" يشتري "زبله" من خانات الدواب ويحمله بـ"شليف" كبير جداً على ظهر الدابة ويصل بين نهايتي الشليف بعصا طويلة ليتسع أكثر لأنه يشتريه بعدد الحملات».

ويتابع: «إن كان "الزبل" جافاً سلمه للوقّاد وإلا نشره على سطح الحمّام، وإن كان فائضاً على السطح نشره في الأرض الخاصة بنشر الزبل المسماة "مناشر الزبل" في حي "التلل" حين كان سلسلة من التلال، وكان هناك "زقاق الزبّال" في "التلل" اسمه اليوم "زقاق بُحيرا الراهب"».

هذه التسميات خاصة بعمال الحمام الحلبي، أما بالنسبة لتسميات رواده فيضيف: «لرواد الحمام تسميات مميزة مثل: "الشَقيان" و"الشقيانة" والمقصود بهما "المتّسخ" و"المتّسخة" بمعنى متعب ومتسخ بدنه من قلة الاستحمام.

وهناك "الوْلادة" فبعد 40 يوماً من ولادتها تذهب بها الأم إلى الحمّام وتسمى "حمّام الشدود" لأنها تدهن جسمها بالشدود المكون من: "الفلفل، والقرنفل، وجوزة الطيب، والقرفة، والزنجيل"، وغيرها».

  • تسمية شعبية محلية تطلق على الجزء القديم من مدينة "حلب".