التقت مدونة وطن "eSyria" بتاريخ 30 كانون الأول 2014، المعمّر "خليل عبدو حسو" 79 عاماً، فتحدث لنا حول الكتاتيب وطقوسها قائلاً: «انتشر نظام التعليمي الرسمي منذ بدايات القرن العشرين وذلك بعد أن احتل الفرنسيون المنطقة وقبل تلك الفترة كان الراغبون بتعليم أبنائهم يلجؤون إلى شيوخ الدين الذين كانوا أساتذة ذلك الزمان، وكان هذا النظام التعليمي يسمى شعبياً "التعلم عند الخوجة".

وكان "التعليم عند الخوجة" يتم تحت شجرة توت كبيرة وسط القرية في الصيف أو في مغارة واسعة خلال فصل الشتاء، ولم يكن هناك عمر محدد للراغب بالتعلم؛ فجميع التلاميذ بمختلف أعمارهم كانوا يتلقون نفس الدروس حتى نهاية السنة؛ بمعنى أنه لم تكن هناك صفوف وشهادات تعليمية، فالتلميذ كان ينهي دراسته بمجرد حفظه "الجزو عمة"* بأجزائها الثلاثين وأدائها غيباً في حفلة عائلية صغيرة بحضور الأهل والأقرباء والجيران، ومن تقاليد المناسبة أن يمنح التلميذ قطعاً نقدية من الحضور بينما تقوم والدته بتوزيع السكاكر على أطفال القرية.

كان التلميذ ينهي دراسته عند "شيخ الكتاب" بمجرد ختمه للقرآن؛ فختم القرآن في تقاليد الكتاتيب هو بمنزلة التخرج في المدرسة، وبهذه المناسبة كانت تقام حفلة "الختمية". كان والد التلميذ يعلق بجبين ابنه قطعة من الورق الذهبي الرقيق تسمى "العلامة" فرحاً بحصول ابنهم على العلم بمقاييس ذلك الزمان، بينما الحاضرون في المناسبة كانوا يمنحون التلميذ قطعاً ذهبية أو نقوداً بهذه المناسبة السعيدة لأسرته وحارته، ومن الأهازيج الشعبية التي كانت تقال في المناسبة: "وصلنا بالسلامة على راسو علامة"

بعد مناسبة "ختم القرآن" من قبل التلميذ يصبح ذا قيمة بين أبناء قريته ومصدر فخر واعتزاز من قبل والديه لأنه منذ تلك اللحظة يقرأ الرسائل للناس ويحسب لهم حساباتهم وغير ذلك، كما تصبح الفرصة مواتية له كي يحصل على وظيفة وراتب معتبر».

الجد خليل عبدو حسو

ويضيف: «ومن التقاليد المرتبطة بنظام الكتاتيب هو تقليد كان شائعاً بمناسبة انتهاء السنة الدراسية؛ وهو تقليد "آمين" أو "سرسال" وفيه يقوم "الخوجة" أو "الشيخ" بقيادة تلاميذه والتجول معهم بين بيوت القرية ليقوم صاحب كل منزل بمنحهم الزيت أو البرغل أو البصل أو الدجاج، وكان التجول يدوم حتى منتصف الليل والتلاميذ يرددون الأناشيد الدينية.

وفي صباح اليوم التالي يسلمون ما جمعوه لبعض النسوة في القرية؛ فيقمن بطبخها ثم يجتمع أهل القرية جميعاً لتناولها جميعهم، ويكون الاجتماع عادة بجانب مزار القرية، يذكر أن نفس التقليد يُمارس في الريف استجداءً لهطول المطر بعد انحباسه فترات طويلة ولكن هذه المرة من دون وجود "الشيخ" أو "الخوجة" بل يتقدم الأطفال "المهرج" أو "القشمر" محلياً».

العمة فاطمة أحمد

العمة "فاطمة أحمد" من حي "الأشرفية"، قالت حول تقليد "الختمية" بحلب المدينة: «كان الناس في "حلب" يسمون النظام التعليمي العثماني بالكتاتيب أو "التعلم عند شيخ الكتاب"، فكان التلاميذ يدرسون عنده بأجر مادي أو عيني كالبرغل أو القمح أو العدس وما شابه، وكان أهل كل حارة يمنحون "شيخ الكتاب" بيتاً مؤلفاً من غرفتين ليقيم في إحداها وفي الثانية كان يعلم التلاميذ.

وبما أن أهل "حلب" كانوا وما زالوا يحبون العلم فقد كانوا يرسلون أولادهم عند "شيخ الكتاب" بكثرة، ومن تقاليد الكتاتيب أن أول من يخبر والد التلميذ بأن ابنه ختم القرآن وذلك الشخص في الأغلب هو الشيخ نفسه كان يحصل على مبلغ مالي كهدية لقاء هذه البشرى».

السكاكر والقضامة كانت توزع بالمناسبة

وأضافت: «كان التلميذ ينهي دراسته عند "شيخ الكتاب" بمجرد ختمه للقرآن؛ فختم القرآن في تقاليد الكتاتيب هو بمنزلة التخرج في المدرسة، وبهذه المناسبة كانت تقام حفلة "الختمية".

كان والد التلميذ يعلق بجبين ابنه قطعة من الورق الذهبي الرقيق تسمى "العلامة" فرحاً بحصول ابنهم على العلم بمقاييس ذلك الزمان، بينما الحاضرون في المناسبة كانوا يمنحون التلميذ قطعاً ذهبية أو نقوداً بهذه المناسبة السعيدة لأسرته وحارته، ومن الأهازيج الشعبية التي كانت تقال في المناسبة:

"وصلنا بالسلامة على راسو علامة"».

ومن تقاليد "الختمية" أيضاً تضيف: «بعد قيام التلميذ بقراءة القرآن يخرج جميع التلاميذ والحضور في موكب يجوب الحارة؛ وهم يرددون الأناشيد النبوية والأدعية الدينية، ومن بينهم شخص يحمل على رأسه الكرسي وعليه المصحف، بينما يقوم آخر برش الشعير على الولد لأن أهل "حلب" يعتقدون أن الشعير يقي الولد الناجح من العين الحاسدة، أما الولد الذي ختم القرآن فيجوب مع البقية راكباً على ظهر حمار أبيض، بعد الانتهاء من تجوالهم يعود الجميع إلى بيت المحتفى به، وهناك يقوم والده بتقديم "البزر والقضامة" والفستق والزبيب وما شابه لهم ليعودوا بعدها إلى بيوتهم؛ وتنتهي بذلك مناسبة "الختمية"».

  • "الجزو عمة": اصطلاح شعبي المقصود به أجزاء القرآن الكريم.