إضافة إلى أسواق "المْدينة" المسقوفة تقام في مدينة "حلب" بازارات تجارية أسبوعية أنشأتها مع الزمن الطوائف الدينية الحلبية لأغراض البيع والشراء وتحقيق المزيد من المحبة والألفة فيما بينها.

للحديث حول هذه البازارات وأهميتها الاقتصادية والاجتماعية في حياة السكان؛ تحدث لمدونة وطن "eSyria" بتاريخ 15 أيلول 2014، العم "محمود أحمد صاغر" وهو من حي "الشيخ مقصود غربي" بالقول: «للبازارات الأسبوعية في مدينة "حلب" حضور اجتماعي وتجاري مهم في حياة أهل المدينة وريفها المجاور، وأهم هذه البازارات: سوق الجمعة للمسلمين، وسوق الأحد للمسيحيين، وسوق الخميس لليهود، وما يميز هذه البازارات أنها تخلق حالة من المحبة والتآلف والانسجام بين أبناء الطوائف الدينية بـ"حلب"، حيث يباع فيها كل ما يحتاجه الناس من مستلزمات منزلية ومواد غذائية، وألبسة، وأحذية، وأدوات زراعية وتقليدية، وغير ذلك وبأسعار مخفضة، ولذلك تراها شديدة الازدحام إذ يتوافد إليها السكان من مختلف حارات "حلب" وأحيائها، ومن القرى المجاورة ومنذ الصباح الباكر».

إن زوار هذه الأسواق يشعرون بالنشوة خلال انعقادها كل أسبوع؛ فإضافة إلى أنهم يجدون فيها كل مستلزماتهم فهي إحدى الوسائل التي تساهم في التقريب بين السكان، وتخلق بينهم المزيد من المحبة والانسجام، فالحلبيون يعدونها أسواقاً عامة لسكان "حلب" بمختلف شرائحهم وطوائفهم. أما تسميتها بسوق الجمعة للإسلام والخميس لليهود والأحد للمسيحيين، فهو دليل على التنوع الحضاري والثقافي لهذه المدينة

ويضيف: «من أكثر الشرائح الاجتماعية حضوراً لهذه البازارات هم أصحاب الدخل المحدود، لأنها توفر لهم كل احتياجاتهم وبأسعار مخفضة هذا من جهة، ومن جهة ثانية فإن معظم بضائع هذه الأسواق من الألبسة والأحذية فهي إما من البالية وتم إصلاحها من قبل التجار، وهي بالتالي تناسب دخل أبناء الطبقات الفقيرة، كما تباع في هذه البازارات مواد قد لا تتوافر في باقي الأسواق والمحلات الحلبية بسبب خروجها عن الخدمة في مختلف المناطق والأحياء الحلبية، وخاصة الحديثة منها، ومن هذه المواد: (الأقفال، ومفاتيح البيوت القديمة، والمطارق الخشبية، والأدوات الزراعية التقليدية، وغيرها)، وبسبب حضور هذه البازارات في حياة الناس فقد وردت في أمثال الحلبيين الكثير عنها مثل: "صاير في بيت الحجي عجقة متل عجقة سوق الجمعة"، كما يقولون أيضاً: "صوت البياعين في سوق الجمعة متل وظيظ النحل"».

تصليح الأحذية القديمة لبيعها في السوق

ويقول العم "سليمان حسن" من حي "الأشرفية": «بالنسبة لسوق الجمعة فهو من أهم أسواق "حلب"، وتتم فيه عمليات البيع والشراء لمختلف المواد والبضائع، ويُقال إنه أقيم أصلاً مقابل "قلعة حلب" قبل نحو 500 عام فوق تلة كانت هناك تسمى "تلة سوق الجمعة" ثم أزيلت التلة تمهيداً لبناء السراي الحكومي في الخمسينيات من القرن الماضي، فنقل السوق للشارع الذي يمتد بين بابي "المقام" و"النيرب"، أما سوق الخميس فكان يقام كل يوم خميس لتلبية حاجات اليهود وذلك في حي "بندرة الإسلام"، ومن هذه البازارات أيضاً سوق الأحد وهو أسبوعي تجاري يمكن زيارته للتسوق وشراء مختلف أنواع المواد اللازمة للناس، التي تباع على بسطات خشبية، ومكانه كان بين "قسطل الحرمي" و"الجابرية"، ومن مميزات هذه الأسواق أن سوق الجمعة مثلاً يوفر لسكان "حلب" وقراها الملح "الجبولي" الذي يباع في أكياس خيش كبيرة، وفي المعتقدات الشعبية أن الملح التجاري المغلف الذي يباع في المحلات لا يصلح لإعداد المؤونة المنزلية التي تحتاج إلى الملح من مخللات وغيرها، ولذلك يأتي الناس إلى السوق من كل حدب وصوب في أواخر فصل الصيف لشراء هذا النوع من الملح المرغوب شعبياً».

ويتابع: «كما أن صانعي الأحذية يقومون بشراء الأحذية القديمة من مختلف الأحياء الحلبية لبيعها في هذه البازارات بعد تصليحها وتجديدها والتفنن في عرضها من جديد، كما يقوم تجار الألبسة بشراء الألبسة القديمة ومن ثم إصلاحها وصبغها يدوياً في بيوتهم وكيّها لعرضها في هذه البازارات، ومن أمورهم الطريفة المتعلقة بهذه الأسواق أن بعض السكان يأخذون زجاجاتهم وقطرميزاتهم المكسورة في البيت ليضعوها في أماكن ضيقة من السوق ليأخذوا من بعض المارة النقود على أساس أنهم داسوا عليها فكسروها خلال مرورهم».

بسطات المواد الغذائية في سوق الجمعة

ويختم: «إن زوار هذه الأسواق يشعرون بالنشوة خلال انعقادها كل أسبوع؛ فإضافة إلى أنهم يجدون فيها كل مستلزماتهم فهي إحدى الوسائل التي تساهم في التقريب بين السكان، وتخلق بينهم المزيد من المحبة والانسجام، فالحلبيون يعدونها أسواقاً عامة لسكان "حلب" بمختلف شرائحهم وطوائفهم. أما تسميتها بسوق الجمعة للإسلام والخميس لليهود والأحد للمسيحيين، فهو دليل على التنوع الحضاري والثقافي لهذه المدينة».

المْدينة: تسمية شعبية يطلقها الحلبيون على أسواقهم المسقوفة داخل أسوار المدينة القديمة.

العم محمود صاغر