هناك مناسبات اجتماعية عديدة في الريف الحلبي يكون للألوان حضور قوي فيها، ولذلك اعتاد الريفيون ومنذ أقدم الأزمنة اللجوء إلى الطبيعة المحيطة لاستخراج تلك الألوان وتحضيرها بطرق تقليدية.

حول هذه المناسبات وارتباطها ببعض الألوان تحدث لمدونة وطن "eSyria" بتاريخ 23 حزيران 2014، الجد "خليل عبدو" من "عفرين" قائلاً: «هناك عدد من المناسبات والتقاليد الاجتماعية القديمة في الريف الحلبي ترتبط بألوان محددة ومعروفة، ولا يمكن بالتالي ممارسة تلك التقاليد دون تحضير تلك الألوان، فمثلاً لباس النساك عند أبناء الديانة الإيزيدية هو البني الغامق، ويوم التعزيل الريفي يرتبط باللون الأبيض، وتزيين العروس مرتبط بألوان الأسود لتكحيل عيونها والخمري لصبغ شعرها والأحمر في مناسبة ليلة الحنة، وغيرها من المناسبات».

للتنسك عند الإيزيديين طقوس خاصة، ومن أهمها صبغ لباسهم باللون البني الغامق ويتم ذلك بجوار مزار ديني إيزيدي واقع بالقرب قرية "عرش قيبار" شرق مدينة "عفرين" بنحو 5كم. وتسمى المناسبة "صبغ خرقة الفقير" أو "الناسك" وذلك باللون البني الغامق وباستعمال ثمار شجرة تسمى "زر كوز" أو "الجوز الأصفر"؛ حيث كانت إحداها موجودة بجانب المزار

وأضاف: «قبل ظهور مواد الزينة والتجميل العصرية في الأسواق بأنواعها وماركاتها المختلفة، كان أهل الريف يلجؤون للطبيعة لاستخراج صبغات الشعر لاستعمالها في زينتهم وتجمّلهم وخاصة في مناسبات الأعراس.

تحضير الكحل العربي

وتعد ثمار شجرة الجوز من أكثر مواد الزينة انتشاراً في الريف ومن أقدمها، ويعتبرها الناس أفضل أنواع صبغات الشعر سواء بالنسبة للرجال أو النساء لكونها تمنح الشعر لوناً أسود لامعاً يدوم لفترة طويلة كما أنها تقوي الشعر وتمنع تساقطه.

ولتحضير هذه الصبغة يتم جمع قشر حبات الجوز الخضراء بعد جني المحصول، ومن ثم وضعها في جرن حجري خاص ودقها بواسطة مطرقة حجرية خاصة لتحويل تلك القشور إلى مزيج بعد إضافة قليل من زيت الزيتون إليه، ومن ثم وضع المزيج في كيس وإغلاقه بإحكام ليصبح المزيج أكثر لزوجة بفعل الحرارة.

مكحلة تراثية

يستعمل المزيج لصبغ شعر الرجال والنساء على حد سواء -كما قلت- ولكن الفرق بينهما أن الرجال يستخدمون المزيج في صبغ شعر رؤوسهم مباشرة بينما تخلطه النسوة بالحنة للحصول على اللون الخمري كنوع من الزينة والتجميل، وخاصة إذا كانت تلك المرأة عروساً».

اللون الأسود هو اللون الشائع والمعروف في تكحيل عيون العروس بمناسبة زفافها وفي مناسبة الولادة، وحول طريقة تحضير الكحل تحدثت السيدة "خديجة إبراهيم" من "جنديرس" قائلة: «الكحل من أقدم أنواع زينة النساء ومن أكثرها انتشاراً، فقد كانت لكل فتاة أو امرأة مكحلتها الخاصة، وتحضير الكحل قبل حوالي 25 عاماً تقريباً كان يتم بطريقة تقليدية وشائعة.

الجد خليل عبدو

كانت المرأة تجلب صينية معدنية أو صحناً معدنياً وتضعها أعلى الفانوس أو مصباح الكاز الريفي خلال اشتعالهما، فينبعث منهما شحواراً كثيفاً يتجمع على الصينية أو الصحن تجمعها المرأة وتضعها في مكحلتها الخاصة بعد إضافة بضع نقط من زيت الزيتون لمنعه من الجفاف، هنا أود أن أذكر أن الكحل كان له استعمال اجتماعي آخر غير زينة العروس، فبموجب العادات والتقاليد الريفية بـ"حلب" تقوم المرأة بوضع الكحل حول عيون الطفل المولود حديثاً، وذلك أملاً في أن تصبح عيناه كبيرتين وجميلتين.

اللون الأبيض مرتبط بمناسبة اجتماعية سنوية هو "يوم التعزيل" للبيوت الريفية، وموعده انتهاء فصل الشتاء والهدف منه هو التخلص من الشحوار الذي تخلفه مدافئ الحطب داخل الغرف، وبالمناسبة تقوم النسوة بجلب كمية كافية من الحوّار الأبيض من الجبال المحيطة وخلطها بالماء وتحضير مزيج يسمى محلياً "كريج" ليقوم شخص يسمى "كريجي" بطرش الجدران بماكينة خاصة أو بواسطة المكنسة المنزلية».

البني الغامق هو لون اللباس الطقوسي للنساك الإيزيديين وحول طريقة استخراج هذا اللون وتحضيره، يقول الدكتور "محمد عبدو علي" الباحث في تاريخ وتراث منطقة "عفرين": «للتنسك عند الإيزيديين طقوس خاصة، ومن أهمها صبغ لباسهم باللون البني الغامق ويتم ذلك بجوار مزار ديني إيزيدي واقع بالقرب قرية "عرش قيبار" شرق مدينة "عفرين" بنحو 5كم.

وتسمى المناسبة "صبغ خرقة الفقير" أو "الناسك" وذلك باللون البني الغامق وباستعمال ثمار شجرة تسمى "زر كوز" أو "الجوز الأصفر"؛ حيث كانت إحداها موجودة بجانب المزار».