يعد مزار "ملكادي" التاريخي بمنطقة "عفرين" من المزارات المهمة في حياة الناس من أبناء المنطقة الشمالية، وتقول حكايتهم الشعبية إن تراب بنائه مجبول بالحليب بسبب قدسية المكان.

لمعرفة المزيد عن هذا المزار وحضوره في حياة الناس في منطقة "عفرين"، مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 22 حزيران 2014 المعمّر "نبي حمو" فقال: «هناك عدد من المزارات الدينية المباركة في منطقة "عفرين" بريف "حلب" الشمالي، ولكل منها حضورها الخاص في الحياة الاجتماعية للسكان، ولكن يبقى لمزار "ملكادي" تحديداً أهميته الخاصة وحضوره المتميز.

من المعالم المهمة لموقع "ملكادي"، برج يسمى "برج المؤمن" وتاريخ بنائه غير معروف، ولكن بحسب الأحداث والروايات المتعلقة به فقد كان قائماً وذا شهرة قبل نحو قرنين من الزمن. ويقع البرج على الجانب الغربي لمقبرة "عرش قيبار" القديمة ويشرف على سهل "عرشي" الواسع الامتداد نحو الغرب ولا تزال أطلاله موجودة

لهذا المزار يوم زيارة أسبوعي مقبول هو "يوم الأربعاء"، حيث يزوره المرضى والراغبين في تحقيق أمنياتهم وآمالهم المستقبلية في مناسباتهم الدينية، مثل عيد "الأربعاء الأحمر"، ويكون عادة في أول أربعاء من شهر نيسان الشرقي من كل عام.

مزار "جل خانة" مكان التنسك

المرضى يقدمون بجواره ذبيحة أو قرباناً ويطبخونها هناك ليتناولها عابرو السبيل والفقراء على أمل أن يساعدهم المزار في الشفاء من بعض الأمراض والعلل، كما يقوم بعضهم بربط أقمشة بالأشجار المرتبطة بالمزار آملين أن يساعدهم في تحقيق أمانيهم ورغباتهم».

وللحديث أكثر حول أهمية المزار الاجتماعي والديني يقول الدكتور "محمد عبدو علي" الباحث في تاريخ وتراث منطقة "عفرين": «تقع زيارة "ملكادي" أو "ملك آدي" على "جبل ليلون" على بعد 2كم إلى الجنوب من قرية "عرش قيبار" التابعة لناحية المركز في "عفرين"، موقعها صخري جبلي، أما مبناها فهو حجري تقليدي صغير له قبة، وبجواره تقع أطلال قرية "عرش قيبار" القديمة قبل أن يهجرها سكانها قبل نحو قرنين من الزمن نحو الموقع الحالي للقرية.

قرية "عرشي قيبار"

لمزار "ملكادي" أهمية كبيرة، حيث كانت تصبغ بجواره "خرقة الفقير"، وهذه إحدى الطقوس الدينية، وتتضمن القيام بصبغ لباس من يختار التنسك باللون البني الغامق بشجرة تسمى محلياً "زركوز"، أو "الجوز الأصفر"، وكانت إحداها موجودة بجانب المزار، إضافة إلى توافر المتطلبات الأخرى لإتمام مراسم التنسك والتحول إلى حياة الفقير للزهد والانعزال، وكان ذلك يتم في زيارة "جل خانة" المجاورة والواقعة على بعد 300 متر منها».

ويتابع: «من المعالم المهمة لموقع "ملكادي"، برج يسمى "برج المؤمن" وتاريخ بنائه غير معروف، ولكن بحسب الأحداث والروايات المتعلقة به فقد كان قائماً وذا شهرة قبل نحو قرنين من الزمن. ويقع البرج على الجانب الغربي لمقبرة "عرش قيبار" القديمة ويشرف على سهل "عرشي" الواسع الامتداد نحو الغرب ولا تزال أطلاله موجودة».

الدكتور "محمد عبدو علي"

ويضيف: «بحسب الروايات الشعبية فإن "برج المؤمن" تم بناؤه من الحجر والتراب المجبول بالحليب الذي كان يُجمع بالتناوب من القرى المجاورة؛ وذلك لأن الحليب موثوق في طهارته بينما يبقى الماء عرضة للتلوث. لقد كان لبرج المؤمن وظيفة دينية مهمة؛ حيث يُعتقد أنه استخدم مخزناً للخرقة المقدسة التالفة، أي لباس النسّاك الذي يتلف مع الزمن، كما تم استعماله لدفن بعض الرجال المهمين، وقد علمنا أنه عند الحفر عند أساسات البرج تم العثور على هيكل عظمي وقطع من الأقمشة المهترئة؛ ربما تعود إلى فقير أو ناسك توفي فدفن بخرقته أو لباسه».