يتميز شهر رمضان المبارك في المْدينة* بمجموعة من التقاليد والعادات الاجتماعية التي يمارسها سكانها منذ مئات السنين، ويتميزون بها عن غيرها من المدن والمناطق السورية.

حول أهم هذه الطقوس والتقاليد الاجتماعية تحدثت لمدونة وطن "eSyria" بتاريخ 28 حزيران 2014 العمة "بياظ حمو" من حي "الأشرفية" بالقول: «لهذا الشهر الفضيل حضور كبير في حياة أهل "المْدينة" وله نكهة اجتماعية وأخلاقية خاصة، لذا فالناس فيها يستقبلونه بكل حفاوة، ومن تقاليدهم في استقباله إعداد النسوة في أول أيامه طبخة ذات لون أبيض وخاصة "الشيشبرك" لأن الناس يعتقدون أن افتتاح الشهر بأكلة ذات لون أبيض سيجعل باقي أيامه بيضاء. وآخر أيام هذا الشهر مباركة عندهم لأن ليلة القدر تقع فيه. وبسبب محبة أهل المْدينة لهذا الشهر وتعلقهم به فإنهم يعتقدون أنه وبعد انتهاء أيامه يأتي العيد حتى لا يشعرون بفراقه.

من أهم العادات المتعلقة بشهر رمضان المبارك هو المصارعات الليلية التي كانت تقام بين أمهر المصارعين بحارات المْدينة والقرى المجاورة لمدينة "حلب". فقد كانت تقام في أحد المقاهي وبحضور الرجال وسط تشجيعهم وتصفيقهم ضمن سهرات رمضانية جميلة تدوم حتى السحور، وبين الحاضرين من الجمهور كان يجلس شيخ كبير السن هو "شيخ المصارعين" وكبيرهم لأنه كان في أيام شبابه من أمهر المصارعين، والعادة الشائعة في تلك السهرات الليلية هي قيام المتصارعين بتقبيل يديه قبيل البدء بالمصارعات احتراماً له باعتباره "شيخ المصارعين"

بمناسبة حلول هذا الشهر تفرض التقاليد على الأسر تبادل الزيارات التي تسمى شعبياً "زيارات الرمضنة" والعبارة الشهيرة التي يقولها الزوار لبعضهم: "جينا لعندكم حتى نرمضنكم"، وقد تعاتب المرأة جارتها التي لم تزرها بالمناسبة قائلة: "ليش ما جيتوا رمضنتونا؟"،

الشيشبرك في استقبال شهر رمضان

ومن تقاليد هذا الشهر أيضاً أن النسوة يسألن بعضهن عن الطبخات التي قمن بإعدادها على الإفطار كل يوم».

"سفرة الصائم" تضم مختلف أنواع الطبخات والمشروبات التي توضع على مائدة الإفطار اليومية، ومن العادات الاجتماعية المتعلقة بهذه السفرة أنه لا يجوز على المفطر أن يجلس مع الصائمين ويتناول الطبخات بل عليه الانتظار حتى ينتهي الصائمون ليباشر هو الأكل.

التسوق الليلي من تقاليد شهر رمضان

السيدة "فضيلة حسن" من حي "الشيخ مقصود – شرقي" قالت: «في شهر رمضان المبارك تبدو الحياة الاجتماعية بأجمل صورها فتسود المحبة والتآلف ومساعدة المحتاجين؛ حيث تُملأ الصحون بأشهى الطبخات قبيل الإفطار لتوزع على الجيران والفقراء والمحتاجين، والعادة هنا أن الصحون لا تعود إلى أصحابها فارغة في اليوم التالي بل مملوءة. كما تظهر "المْدينة" بأبهى حلتها فالأسواق لا تغلق ليلاً بل تظل مفتوحة حتى موعد السحور لأن التسوق يصبح ليلياً بسبب انهماك النسوة بإعداد أشهى الطبخات والأكلات الخاصة بهذا الشهر نهاراً، ومن التقاليد الرمضانية بالمْدينة أيضاً بقاء مصابيح المآذن في الجوامع والمساجد مضاءة طوال أيام شهر رمضان».

وأضافت: «هناك معتقدات شعبية متعلقة بهذا الشهر منها أن الجان تسرح وتمرح فوق الأرض وتحتها خلال العام إلا أن الله يقيدها ويمنعها من الحركة خلال هذا الشهر الفضيل، ومن المعتقدات أنه إذا شاهد شخص في منامه السماء في الأسفل والأرض من الأعلى فهذا يعني أن تلك الليلة هي ليلة القدر التي تقع في أحد الأيام الفردية آخر عشرة أيام من رمضان وغالباً ما يكون في 27 منه، وفيها يكثر الدعاء وتوزع الخيرات على المحتاجين وتعد أكلات وحلويات خاصة مثل "حلاوة المحيا". والباعة لهم نداءاتهم الخاصة في شهر رمضان المبارك بالمْدينة، ومن هذه النداءات: "إلك يوم يا صايم"، وفي آخر أيامه ينادي الباعة: "بقالك يوم ويوم يا صايم"، وينادي بياع الكعك معروك: "يا ما عركوك بالليالي يا معروك"، أما المسحّر فينادي في آخر أيام هذا الشهر: "ودعوه ثم قالوا له يا شهرنا منا عليك السلام"».

العم يوسف أحمد

وأخيراً، قال العم "يوسف أحمد" من حي "الخالدية": «من أهم العادات المتعلقة بشهر رمضان المبارك هو المصارعات الليلية التي كانت تقام بين أمهر المصارعين بحارات المْدينة والقرى المجاورة لمدينة "حلب". فقد كانت تقام في أحد المقاهي وبحضور الرجال وسط تشجيعهم وتصفيقهم ضمن سهرات رمضانية جميلة تدوم حتى السحور، وبين الحاضرين من الجمهور كان يجلس شيخ كبير السن هو "شيخ المصارعين" وكبيرهم لأنه كان في أيام شبابه من أمهر المصارعين، والعادة الشائعة في تلك السهرات الليلية هي قيام المتصارعين بتقبيل يديه قبيل البدء بالمصارعات احتراماً له باعتباره "شيخ المصارعين"».

  • المْدينة: هي التسمية الشعبية لمدينة "حلب" القديمة الواقعة داخل الأسوار.