ممثّل ومخرج، كاتب وفنان تشكيلي، جدلية فنية ثقافية كبيرة وهارموني بين الأخلاق والذوق الفني الرفيع؛ صفات إنسانية قدر لها أن تلتقي في روح واحدة ورجل واحد، هو "بسام كوسا"، الذي طال لمعان نجوميته كل قضية تلمس المواطن ليكون لسان الناس.

مدونة وطن "eSyria" التقت الفنان المبدع "بسام كوسا" بتاريخ 21 تشرين الأول 2018، ليتحدث عن طريقه نحو الفن وبدايته، فقال: «انحدرت من أسرة مكونة من ثلاثة إخوة وأختين؛ وأنا الابن ما قبل الأخير، ولدت وترعرت في "حلب"، ومنذ طفولتي كنت أميل إلى الفن من رسم ومسرح مدرسي، حيث إن كل طفل لديه زاوية ما مضيئة في داخله؛ إذ لا يوجد إنسان لا يملك بعداً جمالياً في شخصيته، فكل إنسان لديه قدرات وملكات، لكن المغذي الأهم لها هو المحيط من أسرة وسكن وجيران وأصدقاء وكل ما يؤمنوه من فرص؛ وقد تكون الفرصة مصادفة توجه الفرد إلى منحى معين في الحياة، وأنا أشدد على هذا السبب وأعول عليه؛ لأنه في هذه اللحظات وفي كل يوم تدفن موهبة ما بسبب عدم توفر الجانب الموضوعي المؤثر بها إيجاباً وأقصد به المحيط، وبالنسبة لي، فقد بدأت أمارس موهبة الرسم من مرحلة الابتدائية مثل أي طفل، لكن تركيزي على أهمية تنمية موهبة الرسم تبلورت في الإعدادية، وخصوصاً بوجودي في المدرسة العريقة التي كنت فيها، وهي مدرسة "سيف الدولة"، التي تكتنز كل ما يحتاج إليه الطالب من مدرسين أكفاء، واهتمام في الفن بتوفير مراسم للرسم وآلات موسيقية لإشباع الروح بالموسيقا، هناك حيث ترتقي الروح والعقل معاً، كما شاركت في التمثيل ضمن مسرحيات مدرسية».

بعد إتمامي الثانوية العامة جئت إلى "دمشق"، ودخلت كلية الفنون الجميلة وتعلمت فيها؛ وفي هذه المرحلة الجامعية شاركت في عملين مسرحيين لمسرح الجامعة، كما قدمت برنامجاً للأطفال من إخراج "أمل حنا"، ولاحقاً شاركت في عمل ضمن المسرح القومي الفلسطيني في "حلب"، تلاه المسرح القومي في "دمشق"، والعديد من التجارب الأخرى

وأضاف عن خطوته الجديدة مع الفن: «بعد إتمامي الثانوية العامة جئت إلى "دمشق"، ودخلت كلية الفنون الجميلة وتعلمت فيها؛ وفي هذه المرحلة الجامعية شاركت في عملين مسرحيين لمسرح الجامعة، كما قدمت برنامجاً للأطفال من إخراج "أمل حنا"، ولاحقاً شاركت في عمل ضمن المسرح القومي الفلسطيني في "حلب"، تلاه المسرح القومي في "دمشق"، والعديد من التجارب الأخرى».

من أحد التكريمات العديدة

وعن رسالته عبر الفن عن الواقع السوري اليوم، قال: «مثّلت في المدة الأخيرة بأدوار ضمن أعمال تحاكي حال الشارع السوري من آلام ومخاوف ومعاناة، أما اليوم وبعودة الأمان تيقظت الأزمة الحقيقية؛ لذا يجب أن تكون رسالة الفن التعليم والحضارة، فلا فائدة للتمثيل من دون إيصال رسالة. وبالنسبة للمسرح السوري، فهو بحاجة إلى ولاء وحب ومتابعة؛ لأن الفن حتى تأخذ منه يجب أن تعطيه؛ فإن تركناه من دون عطاء، سيتركنا ويذهب إلى أمم تحترمه».

الإعلامي "ملهم الصالح"، تحدث عن أعماله في الدراما والسينما، قائلاً: «"بسام كوسا" فنان متعطش للفن بأنواعه، وعبقري في أداء أدواره، فيمكنه تقمص (كاريكتر) لا ينسى ولو كان دوره ثانوياً في المسلسل، هو فنان قدير بحق، حيث شارك فيما يتجاوز 100 عمل درامي؛ ونذكر منها على سبيل المثال لا الحصر: "أيام شامية"، "الفراري"، "الخوالي"، "أبناء القهر"، "الفصول الأربعة"، "ليالي الصالحية"، "أهل الغرام"، "باب الحارة"، "الانتظار"، "زمن العار"، وأطل برمضان الماضي في مسلسل "روزنة"، وهذا القدر من الأعمال والتميز كوفئ عنه بالعديد من الجوائز، ومنها: جائزة أفضل ممثل عن فيلم "المتبقى" في مهرجان "طهران"، جائزة أفضل ممثل عن فيلم "الكومبارس" في مهرجان معهد العالم العربي بـ"باريس"، جائزة أفضل ممثل عن فيلم "تراب الغرباء" في مهرجان "البحرين"، جائزة عن مجمل أعماله ومسيرته الفنية الغنية في مهرجان "أدونيا" لعام 2005، جائزة "أدونيا" 2009 كأفضل ممثل دور أول عن دوره في مسلسل "سحابة صيف"، جائزة أفضل ممثل عربي في مهرجان "جوردان أووردز" عن دوره في مسلسل "ما وراء الشمس"، جائزة "أدونيا" 2010 كأفضل ممثل دور أول عن دوره في مسلسل "وراء الشمس"، وغيرها من الجوائز، فهو ممثل سينمائي لا يستهان بموهبته. "كوسا" يشعرنا حين يؤدي شخصية ما وكأنه هذه الشخصية فعلاً وتعشعش في داخلنا حتى يأتينا بدور آخر ينتزعها ليحل محلها ونصدقه من جديد في هذه الشخصية الجديدة.

لقاؤه الحميمي مع الجمهور

ومن الأفلام السينمائية التي شارك بها: "ليالي ابن آوى"، و"شيء ما يحترق"، "الكومبارس"، و"المتبقي"، "تراب الغرباء"، و"نسيم الروح"».

وعن مواقفه في اختيار أدواره، تحدث رئيس مهرجان "الإسكندرية" السينمائي لدول البحر المتوسط "أمير أباظا" قائلاً: «تعرّفت إلى "كوسا" منذ أكثر من 30 عاماً، حيث كان لقائي الأول معه في مهرجان "دمشق"، ولطالما عرضت عليه أن يشارك في أعمال فنية مصرية، لكنه دوماً كان يرفض ويقول لي إنه لن يترك "سورية" في الأزمة، ولن يترك الدراما السورية التي تحتاج إليه كما تحتاج إلى كل ممثل أن يبقى على ولائه معها ووفائه لها. كما أنه يرى في تمثيله للهجة أخرى شيئاً لم يعتده، ويخشى ألا يصدق نفسه في الشخصية التي يلعبها بلهجة ليست بأم؛ وهنا يفقد الدور أهم عنصر لنجاحه، كما اتخذ "كوسا" موقفاً إزاء الأعمال التاريخية وأعمال السير الذاتية؛ فهو يرى أنه من الصعب توثيق عمل تاريخي صادق تماماً، أو سيرة ذاتية صادقة في ذكر عيوب الشخصية، رافضاً المشاركة في تشويه التاريخ أو تزوير شخصيات السير الذاتية».

في دور "الإدعشري" الشهير

أما الفنان التشكيلي "محمود جوابرة"، فأغنى معرفتنا عن "كوسا" قائلاً: «عند دراسته في كلية الفنون الجميلة اختص في النحت، وخلالها شارك في العمل التلفزيوني "عز الدين القسام"، وكان معرض "تحية إلى ميلاد الشايب" هو الوحيد الذي شارك فيه بمنحوتاته، بعد تخرّجه في كلية الفنون؛ وذلك بمشاركة طلاب دفعته، لكنه على الرغم من إبداعه في النحت كان يميل إلى التمثيل،

لذلك خاض تجربته الساحرة في هذا العالم، ومن صميم نجاحه كان سبب اختياره للتدريس في المعهد العالي للفنون المسرحية؛ على الرغم من أنه ليس خريج من هذا المعهد؛ لكن خبرته كانت الشهادة الأسمى. كما يرى "كوسا" أن الفنان الناجح هو منحوتة متساوية بين الموهبة والاجتهاد، فكل موهبة بحاجة إلى معرفة كي تستحق أن يسلط عليها ضوء الإعجاب والشهرة».

الجدير بالذكر، أن الفنان "بسام كوسا" من مواليد "حلب" عام 1954 ولديه إصداران من كتابه اليتيم "نص لص"، كما يثني عليه النقاد لإبداعه في الأعمال التراجيدية والكوميدية على حد سواء؛ لذا يلقّب بـ"جوكر الدراما السورية".