في البيت الذي نشأ فيه "سمير كويفاتي" لم يعرف أحد من أهله طريق الفنّ المتعارف، إلا أن شغف والده بالتسجيل لفت انتباهه إلى أنّ الموسيقا ليست فقط فنّاً أو لحناً، إنما أيضاً صوتيات.

مدونة وطن "eSyria" وبتاريخ 23 تشرين الثّاني 2016، سعت إلى معرفة رحلة "سمير كويفاتي" مع الموسيقا، حيث تحدث عن بدايته مع الموسيقا، فقال: «مدينتي "حلب"، ولدت فيها عام 1960، امتلَك والدي شغفاً كبيراً بالتّسجيلات، وخاصة الشّرقيّة منها والقديمة، وكان يهتم بأسماء عرفتها في ذلك الوقت بالاسم فقط، مثل: "صباح فخري"، و"بكري الكردي"، و"إيليا بيضة"، و"زكية حمدان"، هذا إضافة إلى اهتمامه بالتّوثيق لتسيجلات صوتيّة على مسجلة "بكر"؛ وهو ما يعرف الآن بالتأثيرات الصّوتيّة، فأصوات الباعة والمارة وكل ما في الشارع يستهويه، أُعجب بما عزفته من ألحان على آلة "الأكورديون"، وهي اللعبة الصّغيرة التي اشتراها لي من محلّ الألعاب. وقد اصطحبتني والدتي إلى دير "الفرانسيسكان" لأتدرب عل يد إحدى الراهبات، وهي عافزة البيانو التي كانت واثقة من قدراتي وأنني سأصبح عازفاً متميزاً، ثم ذهبت إلى المعهد الموسيقي في المدينة وقضيت بعض الوقت فيه، لتكون لي بعد مدة من الزمن الحظوة الكبيرة في الحصول على الدبلوم على يد مديره المتميز "هاشم فانسا"، حيث قادتني الظروف، ثم تتلمذت على يد الأستاذ "سالم بالي" فأعطاني ما أحتاج إليه وما أريده، فلياقة العزف تذهب مع التّقدم بالعمر وتبقى المعرفة، المعرفة نفسها التي وضّحت لي السّبب في تمكني من عزف "أغداً ألقاك" لـ"أم كلثوم"، في حين لم أتمكن من عزف "دارت الأيام"، فكان شغفي بالموسيقا محفّزي لأتعلّمها وأدرسها».

عمر علاقتي بالموسيقي "سمير" تعود إلى خمسة أعوام، قبل هذه المدة كان انطباعي عنه من دون معرفتي به، إلا أن معرفتي الشّخصية به رسمت لي صورة الفنان الحقيقي، المغرم بالفن والموسيقا، تجد لديه موسوعة موسيقية متنقلة حاملة الكثير عن الفنّ وأهله وأعلامه، وهو قارئ نهم، الخبرة الموسيقيّة التي تمكّن منها لها حضورها في أعمالي الموسيقية برأيه ووجهة نظره، يحترم الجيد من العمل ويثني عليه، يعرف أصول الغناء، هو ناقد موسيقي حقيقي موضوعي

وفي حديث "كويفاتي" عن حضور الموسيقا في حياته، يقول: «منذ الصّغر بدأت السّمع والتّقليد، وعزفت مع فرقة "فاتن الحناوي" على "الأورغ"، وذاع اسمي في الوسط الفني بتمكني من هذه الآلة. أما امتلاكي لهذه الآلة، فكان مكافأة من والدي لتكون خطته لتحفيزي في الحصول على الشّهادة الإعداديّة التي نلتها بجدارة، وكانت ثقتي بنفسي مفرطة وتشعرني بقدرتي على تحقيق كل ما أنجزه المشاهير وما حققه الكبار من الملحنين، مثل "الرحابنة" أصحاب المدرسة المميزة، فعندما كنت في السّابعة عشرة كنت أعرف وأحفظ كل تفاصيل أعمالهم. عملت مع مجموعة من الرّفاق وبأدوات متواضعة، وقلّدنا مسرحية "بيترا"، فكان الجمهور حاضراً، ثم قدّمنا مسرحية "ناطورة المفاتيح"».

الموسيقي سمير في الخامسة عشرة من العمر

يتابع "كويفاتي" مستحضراً شريط حياته، ويقول: «بعد الانتهاء من الخدمة الإلزامية قضيت معظم وقتي في محلّ (الكاسيت "Shadows" الظلال) لأخي "بشير"، فأخذت منه الكثير، وهو صاحب الثّقافة الكبيرة بالموسيقا الكلاسيكيّة، ولم يبخل بمعرفته وثقافته هذه على أغلب شباب "حلب"، حيث كان له الحضور الواسع بين أوساطهم، ثم سافرت إلى "قبرص"، وعملت فيها مدة من الزّمن، واشتغلت مع "عصام رجي"، إلا أنني لم أستطع الاستمرار، وعدت إلى "حلب" وبدأت العمل في "نادي حلب" عام 1986 لغاية 2011، وكنت ليلاً أعزف في النادي لرواده، وقدّمت باقة من رواد الطرب في "حلب"، مثل: "نور مهنا"، و"جهاد سمعان"، و"وضاح شبلي"، وحقق لي هذا النادي توزاناً في حياتي ودخلاً مقبولاً، فعمل النادي ليلاً لهم، وعمل النهار لي في الاستوديو خاصتي من تسجيل وتلحين وتوزيع. وفي عام 1993 دخلت المجال الدّرامي والموسيقا التّصويريّة».

يحدّثنا الموزع الموسيقي "أنس نقشي" عن معرفته بـ"سمير كويفاتي"، ويقول: «عمر علاقتي بالموسيقي "سمير" تعود إلى خمسة أعوام، قبل هذه المدة كان انطباعي عنه من دون معرفتي به، إلا أن معرفتي الشّخصية به رسمت لي صورة الفنان الحقيقي، المغرم بالفن والموسيقا، تجد لديه موسوعة موسيقية متنقلة حاملة الكثير عن الفنّ وأهله وأعلامه، وهو قارئ نهم، الخبرة الموسيقيّة التي تمكّن منها لها حضورها في أعمالي الموسيقية برأيه ووجهة نظره، يحترم الجيد من العمل ويثني عليه، يعرف أصول الغناء، هو ناقد موسيقي حقيقي موضوعي».

الموسيقي أنس نقشي

الموسيقي "سمير كويفاتي" زوج الفنانة "ميادة بسيليس" منذ عام 1987، وقد شاركها العديد من أعمالها الفنية، وكوّنا ثنائياً فنياً ما زال مستمراً إلى الآن، ولهما العديد من الأغاني الطربية التي أمتعت الجمهور وما زالت محفوظة في ذاكرته. ويُسجّل له إضافة إلى أغانيه، الكثير من "تترات" الأعمال الدرامية؛ منها ثلاثة وسبعون مسلسلاً، وثمانية أفلام سينمائيّة، وست مسرحيات.