تحوّل المسرح السوري على يدي "فواز الساجر" إلى عالم لا ينفصل عن الانتماء إلى الوطن والناس والشارع، بعيداً عن المباشرة، فهو مؤسس المسرح "التجريبي" مع الراحل "سعد الله ونوس".

مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 25 حزيران 2014، الممثلة والفنانة "فيحاء أبو حامد" التي تحدثت عن مسيرة المسرحي "فواز الساجر"، وتقول: «حبه للمسرح جعله يترك دراسة اللغة الإنكليزية ويسافر إلى "الاتحاد السوفييتي" لدراسة المسرح وإخراجه، فحصل على شهادة ماجستير من معهد "غيتس" للفنون المسرحية في العاصمة "موسكو"، وبعد عودته إلى الوطن استقر في "دمشق"».

حبه للمسرح جعله يترك دراسة اللغة الإنكليزية ويسافر إلى "الاتحاد السوفييتي" لدراسة المسرح وإخراجه، فحصل على شهادة ماجستير من معهد "غيتس" للفنون المسرحية في العاصمة "موسكو"، وبعد عودته إلى الوطن استقر في "دمشق"

وهنا تسرد "أبو حامد" مقولة للراحل "سعد الله ونوس" عن "الساجر"، وتقول: «مع مجيء "فواز الساجر"، سيبدأ تاريخ جديد للإخراج المسرحي، ستظهر الرؤية الإخراجية، وسيكون عمل المخرج بمنزلة إبداع جديد للنص، انتهى عهد التنفيذ، ورصف عناصر العرض في عملية تلزيق ينقصها الترابط والوحدة، وبدأ ظهور العرض المسرحي ذي الوحدة العضوية، الذي تتناسق فيه كل العناصر بدءاً من تكوين الفضاء وحتى اللوحة الأخيرة مروراً بأداء الممثلين والإيقاع ومختلف المواد البصرية والسمعية».

فواز الساجر

وتتابع: «أنجز مع المسرح "الجامعي" في "حلب" عام 1973 عرض "الضيوف لا يحبون الإقامة في هذا البلد" عن مسرحية "غيفارا" للشاعر والمسرحي الفلسطيني "معين بسيسو"، كما قدّم لمسرح "الشعب" في "حلب" أيضاً مسرحية "حليب الضيوف" للكاتب المسرحي المغربي "أحمد الطيب العلج" في العام نفسه، ومع المسرح "الجامعي" في "دمشق" قدّم ثلاثية "نكون أو لا نكون" عن نصوص "ممدوح عدوان" و"رياض عصمت" و"أوزرالد دراكون"، وقد شارك هذا العرض كممثل لـ"سورية" في الدورة السادسة لمهرجان "دمشق المسرحي"، وبعد سنة أي في عام 1976 قدّم مسرحية "رسول من قرية تميرة للاستفهام عن مسألة الحرب والسلم" للكاتب "محمود دياب" مع فرقة المسرح "الجامعي" أيضاً».

وتضيف: «أسس "الساجر" مع "سعد الله ونوس" أولى تجارب "المسرح التجريبي"، فقدّم فيه "يوميات مجنون" عن نص للكاتب الروسي "غوغول" أعده "ونوس" كمسرحية مونودراما، أدى الشخصية فيها الفنان "أسعد فضة"، كما قدّم للمسرح "التجريبي" مسرحية "رحلة حنظلة من الغفلة إلى اليقظة" من إعداد "سعد الله ونوس" أيضاً عن نص للكاتب "لبيتر فايس" بعنوان "كيف يتم تخليص السيد موكينبوت من آلامه"».

فيحاء أبو حامد

من جانب آخر تقول: «في الدورة السابعة لمهرجان "دمشق" المسرحي، عرضت أعماله "رسول من قرية تميرة"، "يوميات مجنون"، "مؤسسة الجنون"، إضافة إلى عمل له مع فرقة المسرح الوطني "الفلسطيني" عن نص للشاعر "سميح القاسم"، وقبل سفره إلى "موسكو" مرة ثانية للحصول على شهادة الدكتوراه، ساهم "الساجر" في تأسيس "المعهد العالي للفنون المسرحية" بـ"دمشق" الذي كان يضم قسماً للتمثيل فقط، وعمل مدرّساً فيه، وقدّم عرض التخرّج لطلبة الدفعة الأولى من قسم التمثيل، وهو "سهرة مع أبي خليل القباني" للكاتب "سعد الله ونوس"، وكان قد قدّم قبل ذلك مسرحية "ثلاث حكايات" للكاتب "أوزوالد دراكون"، وبعد حصوله على الدكتوراه حول إشكالية تدريب الممثل العربي على ضوء منهج "ستانسلافسكي" عاد إلى "دمشق" لتدريس مادة علم التمثيل، ومادتي المختبر المسرحي والمسرح الشرقي في قسم النقد والأدب المسرحي الذي افتتح في "المعهد العالي للفنون المسرحية"».

وتختم "أبو حامد": «لكن "الساجر" بعد عودته إلى "دمشق"، وكأنه قد دخل في حالة من التأمل العميق البعيد عن الضجيج والصخب، فذهب إلى "وليم سارويان" الإنساني الكبير من خلال مسرحية "سكان الكهف"، ليقدمها بطريقة آسرة وساحرة في السنة التي راح فيها إلى غفوة طويلة».

أما الناقد المسرحي الدكتور "ماهر الخولي" فيقول: «إن شخصية "الساجر" القوية الواثقة الرافضة للاستسلام والحصار، ومعرفته الواسعة مكنتاه من تحقيق عرض مسرحي متكامل، ومن تحقيق علاقة نموذجية مع الممثل، الطالب في بروفة المسرحية، أو في "المعهد العالي للفنون المسرحية"، عمل مع الهواة لأنه كان يبحث عن المادة الخام، الأصل، الجوهر، الجذر غير المستهلك، وليس عن الجاهز، المقولب».

يتابع: «في الدورة الحادية عشرة لمهرجان "دمشق" المسرحي سنة 1988، عُرضت مسرحيته "سكان الكهف" في غيابه، فكان المونولوج الخير للملكة بمنزلة نبوءة قاسية لقامة "فواز"، ومشروع "فواز"، وربما أحلام "فواز"!، وتقول الملكة في المسرحية: (هناك أسرار سيمر زمن ونرحل نحن أيضاً إلى الأبد، وسينسانا الناس، سينسون ملامحنا وأصواتنا وكم كان عددنا، لكن آلامنا ستصبح أفراحاً لمن سيعيشون بعدنا)».

يذكر أن المسرحي القدير "فواز الساجر" من مواليد إحدى قرى "منبج" التابعة لمحافظة "حلب" عام 1948، وتوفي في 16 أيار عام 1987.