تطورت عمليات درس الحصيد عبر الزمن في الريف الحلبي، مع ارتفاع في الخط البياني لحجم الإنتاج؛ وهو ما أثر إيجاباً في الوضع المعيشي للمزارعين.

مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 28 حزيران 2015، المزارع "عبدو إيبو" للحديث عن تفاصيل هذا الطقس، فقال: «عملية درس الحصيد قديمة قِدَمَ الزراعة؛ وهي قيام الفلاح باستخدام أدوات يدوية وآلية بهدف فصل الحبوب عن "التبن" والقش، سواء في المنزل أو في الحقل أو في البيدر، وذلك بعد الانتهاء من عمليتي حصاد المحصول ونقله».

عملية درس الحصيد قديمة قِدَمَ الزراعة؛ وهي قيام الفلاح باستخدام أدوات يدوية وآلية بهدف فصل الحبوب عن "التبن" والقش، سواء في المنزل أو في الحقل أو في البيدر، وذلك بعد الانتهاء من عمليتي حصاد المحصول ونقله

وأضاف: «بالنسبة للوقت المناسب للقيام بهذه العملية في عرف الفلاحين فهو اليوم الحار الخالي من الندى، فحين تكون السنابل مبللة لا يمكن درس الحصيد، وذلك لصعوبة فصل الحبّ عن "التبن"، وبالتالي يقل إنتاج الحب لأدنى مستوياته أما في الأيام الحارة فمن السهولة بمكان إنجاز العمل، خاصة أن البدء بالعمل يكون وقت الظهيرة».

عبدو إيبو

وتابع: «إن عملية درس الحصيد تطورت مع الزمن، ففي البداية كانت تتم في البيوت من قبل النسوة؛ حيث كن يقمن بوضع كميات محددة من السنابل على أكياس خيش ودقها بواسطة مطارق خشبية خاصة، وبعد الانتهاء من ذلك يقمن بعملية فصل الحبات في اليوم الذي يهب فيه الهواء بقوة، كانت هذه العملية بسيطة ويدوية للحصول على كميات قليلة من الحبوب تكفي الأسرة.

ومع تطور الزراعة وقيام الفلاحين باستصلاح الأراضي البور، وازدياد المحصول ظهرت عملية أكثر تطوراً سميت "الكام" وتعني بالكردية الثور الذي كان يساهم في إنجاز العمل بسرعة وبكميات أكبر.

الجرجر

"الكام" عبارة عن قطعة خشبية مستطيلة ومسطحة الشكل، أبعادها كانت بحدود 1-2م، وكان المزارعون يثبتون في أسفلها مجموعة قطع حادة من حجر الصوان، ليقف الفلاح فوقها خلال العمل لإحداث الضغط عليها أثناء جرها على الحصيد وبشكل دائري من قبل الثور.

ومع الزمن حيث انتقل الفلاحون من مرحلة زراعة المحاصيل للاكتفاء الذاتي، إلى مرحلة الزراعة بهدف بيع الفائض، ظهرت الحاجة إلى تطوير آليات الدرس فظهر "الجرجر" الذي ينجز العمل بسرعة فزاد إنتاجهم زيادة ملحوظة.

الحصادة الآلية

و"الجرجر" أداة مربعة الشكل تضم أسطوانتين خشبيتين تحتويان على مجموعة من الدواليب الحديدية المسننة، وله كرسي مصمم لجلوس شخصين عليه بهدف إحداث الضغط على الحصيد خلال جره من قبل الحصان أو الحمار.

وأخيراً ظهرت "الدرّاسة الآلية" وهي مصممة لدرس كميات هائلة من المحصول بمختلف أنواعه كالقمح والشعير والحمص والعدس والفول والكمون وعباد الشمس وبأوقات قياسية».

المزارع "أكرم سيمو" قال في هذا الشأن: «اختفت عمليات الدرس اليدوي وبواسطة "الكام" من حياة الريفيين منذ مدة لا تقل عن 50 عاماً، بينما بقي "الجرجر" على نطاق محدود في بعض القرى الريفية النائية التي يصعب وصول "الدرّاسات الآلية" إليها.

لقد عشت خلال حياتي مراحل تطور أدوات درس المحصول جميعها، بدءاً من المطرقة الخشبية وانتهاء بالدرّاسة، إن تلك الأدوات جاءت لتواكب تطورات كل مرحلة وفي الخط العام ساعد هذا التطور في زيادة الإنتاج وتحسين مستوى دخل المزارعين وتخليصهم من التعب والشقاء».

وتابع: «اليوم في ظل ارتفاع أسعار المحروقات وبالتالي أجرة "الدرّاسات الآلية" لجأ المزارعون إلى "الجرجر" لإنجاز عملهم بالنسبة للكميات الكبيرة من الحصيد، وإلى المطرقة الخشبية لدرس الحصيد الذي زرع بغرض الاستهلاك المنزلي، وذلك كحلول بديلة للتخلص من نتائج الأزمة الحالية، فالرجوع إلى الطرائق التقليدية هو أحد أبرز الحلول الريفية في ظل ارتفاع أسعار المحروقات ونتائجها السلبية على الفلاحين ومعيشتهم.

وختاماً قال: «لقد أثبتت هذه الطرائق البديلة فعاليتها في إنجاز العمل وذلك بمصاريف أقل وجودة إنتاجية عالية، وهو ما خلص السكان من النفقات العالية التي تتطلبها "الدرّاسات الآلية" وخاصة أن سعر مادة المازوت وصل إلى أكثر من 200 ليرة سورية، وبالنسبة لجودة الإنتاج فالمعروف أن الوسائل التقليدية كالمطرقة الخشبية و"الجرجر" تحمي الحبوب من الكسر، وبالتالي تكون أسعارها عالية قياساً بالحبوب التي تنتجها الدرّاسة؛ إذ تتكسر كميات منها وهو ما يؤدي إلى تدني أسعارها».