لمخلفات أشجار الزيتون الناتجة عن كساحتها وعصر ثمارها -من الناحية العلمية- أهمية اقتصادية كبيرة في عدد من المجالات والنواحي.

للحديث حول الموضوع التقت مدونة وطن "eSyria" بتاريخ 4 تشرين الثاني 2014، المزارع "محمد خليل يوسف"، فقال: «بعد الانتهاء من عملية جني محصول الزيتون خلال سنة حملها يبادر المزارعون إلى كساحة أشجارهم من خلال قطع الأغصان اليابسة والمعمرة استعداداً للحمل القادم.

تقوم معامل "البيرين" المنتشرة في منطقة "عفرين" بشراء هذه المادة من المعاصر خلال موسم عصر الثمار بسبب أهميتها الاقتصادية، إذ تتم إعادة عصر المادة في هذه المعامل للحصول على زيت "المطراق" الذي يتم استعماله في صناعة أجود أنواع الصابون، أما الناتج من "البيرين" بعد العصر فيتم بيعه لمعامل الفحم التي تقوم باستخدامها في صناعة فحم "الأراكيل" والفحم الذي يستعمل في تشغيل المدافىء ضمن صالات الأعراس في المنطقة

بالنسبة للأغصان المقطوعة فقد جرت العادة أن يتم حرقها مباشرة وعدم تركها في الحقل كي لا تكون عاملاً مساعداً لجذب الدود الشجري، كما تعد الأغصان غذاء مهماً للماشية؛ لذا يقوم الرعاة والمزارعون بنقل كميات مناسبة منها إلى بيوتهم لتقديمها كطعام للماشية خلال فصل الشتاء حيث تمنع الأمطار والثلوج خروج الماشية للرعي أياماً طويلة، وتستخدم الأغصان الثخينة كوقود خلال فصل الشتاء؛ إذ يتم تقطيعها إلى مكعبات لاستعمالها في المدافىء الحطبية».

الدكتور محمد عبدو علي

وحول "البيرين" الناتج عن عمليات عصر ثمار الزيتون قال السيد "شيروان مصطفى" العامل في أحد معامل "البيرين" بـ"عفرين": «تقوم معامل "البيرين" المنتشرة في منطقة "عفرين" بشراء هذه المادة من المعاصر خلال موسم عصر الثمار بسبب أهميتها الاقتصادية، إذ تتم إعادة عصر المادة في هذه المعامل للحصول على زيت "المطراق" الذي يتم استعماله في صناعة أجود أنواع الصابون، أما الناتج من "البيرين" بعد العصر فيتم بيعه لمعامل الفحم التي تقوم باستخدامها في صناعة فحم "الأراكيل" والفحم الذي يستعمل في تشغيل المدافىء ضمن صالات الأعراس في المنطقة».

الباحث الدكتور "محمد عبدو علي" أعطانا إحصائية اقتصادية حول "المعاصر" ومعامل "البيرين" و"الصابون" والكميات التي تنتجها سنوياً: «بلغ عدد أشجار الزيتون مع بداية القرن 21 وبحسب الإحصائيات الرسمية نحو 12 مليون شجرة؛ ثلاثة أرباعها في طور الإثمار وتتوزع على عدة أصناف: "الزيتي"، و"الخلخالي"، و"الجبلي"، وصنف "خلو"، أما كمية الزيت المنتجة في المنطقة فتقدر بحوالي 180 ألف طن في سنوات الحمل، وحوالي 50 ألف طن في باقي السنوات.

الدكتور أحمد معروف

ويبلغ عدد المعاصر في المنطقة 250 معصرة آلية ونصف آلية، ويوجد معمل لتكرير زيت "العرجوم" المر.

بعد استخلاص زيت الطعام من الثمار في المعاصر ينتج عنه مادة "البيرين" وهي بقايا الزيتون المجروش ويقدر متوسط كمية "البيرين" المنتجة في المنطقة سنوياً 120 ألف طن يستخلص منها ما مقداره 12 ألف طن من الزيت الصناعي الذي يستخدم في صناعة الصابون، أما الناتج بعد استخلاص الزيت منه فيستعمل كوقود في حراقات المعمل نفسه بدلاً من البترول والبقايا الناتجة من "البيرين" بعد حرقه كوقود، فيصنع منها حوالي 25 طناً من الفحم النباتي الذي يستعمل كجمرات لتدخين النرجيلة، يذكر أن أول معمل لتصنيع مادة "البيرين" أقيم في المنطقة في العام 1978 كشركة مساهمة، ويبلغ عددها حالياً 13 معملاً يعمل بها عشرات العمال من أبناء المنطقة.

معمل بيرين بعفرين

أما الزيت الصناعي المستخلص من "البيرين" فيستعمل ربعه تقريباً لصناعة الصابون في المنطقة، حيث يقدر ما يصنع من الصابون بنحو 4000 طن، وفي المنطقة عشرة مصابن لصناعة الصابون ذي النوعية الجيدة، إضافة إلى ذلك هناك معمل لتكرير النواتج الزيتية السائلة المنتجة في المعاصر وتحويلها إلى زيت طعام، ومتوسط إنتاجه السنوي 68 طناً».

وحول الأهمية الاقتصادية لمخلفات عصر الزيتون، يقول الدكتور "أحمد معروف" رئيس قسم البساتين بكلية الزراعة في جامعة "حلب": «تمت دراسة التأثير الخصوبي والمحتوى المعدني لبعض المنتجات الثانوية المرافقة لعصر ثمار الزيتون مثل: "العرجوم"، و"البيرين"، و"الدقة"، و"مياه عصر الزيتون" - "الجفت"، فتبين ما يلي:

لقد وصلت نسبة المادة العضوية إلى 89.80% في "البيرين"، و85.30% في "العرجوم"، وكانت أعلى نسبة رماد في "الدقة" بنسبة 26.52%.

وارتفع المحتوى الفوسفوري والبوتاسي لمخلفات الزيتون، حيث وصل تركيز الفوسفور في "الدقة" إلى 1020 P.P.m والبوتاسيوم إلى 11400 P.P.m، كما ازداد فيها تركيز العناصر الصغرى مقدرة على أساس جزء بالمليون على النحو التالي: الحديد 12625 – البورون 63.9 – المنغنيز 55 – النحاس 20 – التوتياء 25

».

ويضيف: «لقد تميزت "مياه عصر الزيتون" – "الجفت"، قيمة منخفضة من تركيز أيونات الهيدروجين pH ونسبة عالية من المواد العضوية والمعدنية المنحلة، وتركيز متوسط إلى عالٍ من المواد الفينولية مع تركيز عالٍ من مادتي البوتاسيوم والمغنيزيوم.

ونظراً لغنى هذه المخلفات الرخيصة الثمن بالمادة العضوية والعناصر المعدنية الضرورية لنمو النباتات فمن الممكن استعمالها لإنتاج أسمدة عضوية صناعية وتعد أحد البدائل المهمة في سد العجز في إنتاج السماد العضوي الذي زاد الطلب عليه نتيجة الزيادة الكبيرة في المساحات المزروعة في "سورية"، وإن إنتاج هذه النوعية من أسمدة الكومبوست مع دراسة استجابة أشجار الفاكهة لها تعد مدخلاً لتوفير سبل اعتماد الزراعة العضوية النظيفة في بساتين الفاكهة السورية».