يربي أهل الريف الشمالي من "حلب" قطعان كبيرة من الماشية بمختلف أنواعها للاستفادة من منتجاتها تجارياً وتأمين مصدر دخل مهم لهم، ويصل عدد مربيي الماشية إلى 5317 مربياً.

في "عفرين" من "ريف حلب الشمالي" التقت مدونة وطن "eSyria"، بتاريخ 1 شباط 2014، السيد "عبدو أوسو" وهو مربي ماشية من خمسين عاماً، فتحدث عن دور منتجات الماشية في حياتهم قائلاً: «للثروة الحيوانية دور هام في حياتنا كمصدر للدخل حيث تُربى قطعان الماشية في المنطقة منذ عهود قديمة من أغنام وماعز وأبقار.

تؤمن الماشية دخلاً مستقراً لمئات الأسر في الريف تساعدها على تأمين متطلبات معيشتها وخاصة في فصل الربيع الذي يسميه الناس موسم الماشية؛ حيث يكثر الحليب وتتوالد الحيوانات

قبل نحو نصف قرن من الزمان كانت تربية الماشية منتشرة بشكل كبير في المنطقة؛ وذلك لسببين أساسيين وهما: قلة الأراضي الزراعية لأنّ المزارعين لم يكونوا قد استصلحوا المساحات الواسعة من الأراضي الزراعية، وتوافر مساحات واسعة من مناطق الرعي وخاصة في المناطق الجبلية والحراجية، ولكن مع مرور الزمن تأثرت أعداد الماشية وأنواعها بشكل كبير بظروف جديدة، منها القانون الذي صدر في نهاية الخمسينيات من القرن الماضي بمنع تربية الماعز، كذلك تحول الناس إلى الزراعة التي أصبحت حالياً في المرتبة الأولى اقتصادياً».

الأستاذ مروان بركات

وأضاف: «في مدينة "عفرين" سوق أسبوعي يُقام كل يوم ثلاثاء يسمى "سوق الدواب" يتم فيه بيع وشراء مختلف أنواع الحيوانات وفي مقدمتها الماشية.

منتجات الماشية تنقسم إلى قسمين: منتجات غذائية، ومنتجات أخرى كالصوف والعجول واللحوم وغيرها.

سوق الماشية في عفرين

المنتجات الغذائية مثل: الحليب والأجبان والألبان يتم تحضيرها منزلياً قبل تصريفها في الأسواق القريبة في مدينة "عفرين" ونواحيها الستة، وكذلك الصوف فإما أن يستخدمه الناس في صناعة "الفرش واللحف والمخدات"، أو بيعه خاماً في أسواق منطقة "عفرين" الأسبوعية».

وختاماً، قال: «تؤمن الماشية دخلاً مستقراً لمئات الأسر في الريف تساعدها على تأمين متطلبات معيشتها وخاصة في فصل الربيع الذي يسميه الناس موسم الماشية؛ حيث يكثر الحليب وتتوالد الحيوانات».

الدكتور "محمد عبدو علي" الباحث في تراث وتاريخ منطقة "عفرين"، قال: «كانت تربية الماشية خلال القرن التاسع عشر المورد الرئيسي لدخل سكان منطقة "جبل الأكراد" في الريف الشمالي من "حلب" قبل أن تحل الزراعة مكانها تدريجياً منذ أواخر ذلك القرن، وقد اعتنى سكان المناطق الجبلية الشمالية بتربية الماعز الأبيض ذي الوبر الطويل الذي يتغذى على أوراق الأشجار الحراجية، ويتأقلم مع التضاريس الجبلية، فيما كانت المناطق السهلية في سهل "جومة" أكثر ملاءمة لرعي قطعان الغنم.

وبعد اعتماد الناس على الزراعة كمصدر أساسي لمعيشتهم تراجعت تربية الماشية إلى المرتبة الثانية من حيث الاهتمام والانتشار؛ فقد ضاقت مساحات المراعي في السهول لمصلحة الحقول الزراعية، وزاد تحريج المناطق الجبلية الصالحة للرعي الطين بلة، كما صدرت في العام 1954 قوانين تمنع رعي الماعز في المناطق الجبلية الحراجية والغابات.

تتركز حالياً تربية الماشية في ناحية "شيروان" في جبل "ليلون" وبعض الأماكن السهلية في ناحية "شيخ الحديد"، وسهل "جومة".

وهناك أعداد لا بأس بها من البقر في المنطقة يشكل لمربيها مصدر دخل، وخاصة في قرى "شيروان" حيث يباع الحليب ومشتقاته في أسواق "عفرين" أهم أسواق تصريف هذه المنتجات، في المنطقة اليوم "مبقرتان" تضمان نحو خمسين بقرة يُصرف إنتاجها من الحليب في المنطقة، وتكاد تنحصر تربية الأبقار في قرى "شيروان" على جبل "ليلون"».

وعن أعداد الماشية في المنطقة قال: «في العام 1998 جرى إحصاء رسمي في المنطقة بعدد رؤوس الماشية، فكانت على النحو التالي: أبقار - 3556، أغنام - 68476، ماعز - 34265، ويوجد في المنطقة مسلخ واحد لذبح الماشية وتوزيعها في جميع مدنها».

أما الأستاذ "مروان بركات" وهو باحث في تاريخ منطقة "عفرين" وتراثها، فقال: «تعدّ الثروة الحيوانية في المنطقة الدعامة الاقتصادية الثانية في حياة الناس بعد الزراعة.

تأتي الأغنام في المرتبة الأولى بين الثروة الحيوانية في المنطقة؛ حيث بلغ تعدادها بحسب إحصائية مديرية الزراعة في "عفرين" في العام 2004 -61015 رأساً، واحتلت قرى "صوغانة"، و"كيمار"، و"عقيبة"، و"برج حيدر" المرتبة الأولى في تربيتها؛ حيث بلغ عدد رؤوس الغنم في هذه القرى وحدها 13560 رأساً.

أما الماعز فقد قلت أعدادها خلال العقود الثلاثة الأخيرة، وقد بلغ عددها بموجب إحصائية 2004 - 23810 رأس، وأتت ناحية "راجو" في المرتبة الأولى في تربيتها.

وبلغ تعداد الأبقار بموجب إحصاء 2004 - 3690 رأساً، وأتت قريتي "باصوفان"، و"باعي" في المرتبة الأولى حيث بلغ عددها في "باصوفان" 672 رأساً، و"باعي" 368 رأساً».

وأضاف: «المجاميع التي ذكرتها من الأغنام والماعز والأبقار موزعة على 5317 مربياً، ويُذكر أن تربية العجول دخلت المنطقة مؤخراً وتوجد عدة مزارع منها في منطقة "شيروان" وخاصة قرية "باصوفان"».

وختاماً، قال: «إنّ منتجات الماشية بمختلف أنواعها تُباع في أسواق مدينة "عفرين" ونواحيها، ومدينة "دارة عزة"، وقليل منها يباع في مدينة "حلب" حيث تؤمن لمربيها وأسرهم دخلاً مستقراً على مدار العام، ويمكن القول: إن عدد المستفيدين منها يقارب 40 ألف مربٍ إذا حسبنا على الشكل التالي: 5317 مربياً x 7 متوسط الأسرة الريفية = 37219 شخصاً».