تعلَّم من شركائه كيفية التعامل مع العمل ومع الآخرين، وألا تكون دفة القيادة بيد شخص واحد، كما تعلم أن المسؤولية يجب أن تكون موزعة مع من حوله لأنهم يعملون معه، وهم القادرون على سد الفراغ في حال غيابه. نجح في مراحل كثيرة في حياته لكن تلك أهمها التي استطاع فيها أن يعزل أسرار منزله بعيداً عن أسرار عمله.

بدا واضحاً ميوله الصناعي منذ بدايته، لكنه تحول فيما بعد إلى مشروع لن يتخلى عنه أبداً، وعندما لاحت له البذور الأولى لتأسيسه لم يتوان أبداً، وفي كل مرة كان يصعد سلم النجاح على حسب مستوياته خطوة خطوة.

خلال معرفتي به كان "يعقوب" يملك مشروعاً صناعياً بداخله ويسعى لتحقيقه، وقد ضحى بكل طاقته ليصل إلى مشروعه الأخير الذي بين يديه الآن، على الرغم من دعم والده له خلال مرحلة طويلة إلا أنه أثبت للجميع أنه شخص قادر على صنع مستقبل مميز خاص له وأعتقد أنه نجح، ولذلك عوامل كثيرة تبدأ من اختيار الطريق الذي سيسلكه الشخص، إضافة للأدوات المساعدة للفكرة ذاتها، ودراسة حالة السوق وتقبلها لما ستطرحه فيه

كل ما سبق ينطبق تماماً على الصناعي السيد "يعقوب عباجي" والذي حاول موقع eAleppo تسليط الضوء على جانب بسيط من حياته يستطلع من خلالها تجربته الشخصية بعيني الناظر المتأمل والمشجع المفتخر.

"يعقوب عباجي" بين شركائه

عن بداياته ونشأته يحدثنا السيد "يعقوب عباجي" فيقول: «أنا من تولد مدينة "حلب" /1962/ دخلت معهد "الأخوة" الخاص في المرحلة التحضيرية وخرجت منه نهاية المرحلة الثانوية، وبما أن والدي كان يملك معملاً لصناعة الألبسة الرجالية كنت وبصراحة أهرب من دوامي المدرسي لأذهب إلى المعمل لأزاول مهنة الخياطة بكافة أقسامها، فأحياناً أقوم بدور الخياط على "المكنة" وألعب دور المفصل، وأحياناً أخرى أجلس مكان والدي وراء المكتب لذلك كان تعلقي بالمعمل شديداً للغاية وقد انتظرت انتهاء المرحلة الثانوية بفارغ الصبر لأعلن التحاقي بالمعمل مباشرة.

ولم يستغرق الوقت مني كثيراً حتى أعلنت افتتاح مشروعي الخاص لأول مرة حيث اعتمدت فيه على الصناعة المحلية وهو عبارة عن محل لبيع "الألبسة النسائية" في محلة "العزيزية " والذي خرجت فيه عن صنف والدي ومجال عمله" الألبسة الرجالية" في محلة "خان الحرير" في "حلب"، استمر مشروعي مدة ست سنوات اضطررت لإيقافه بسبب رئيسي هو المنافسة الخارجية الشديدة داخل أسواق الألبسة النسائية المحلية، فلم يعد يقدم المردود المتوقع منه.

الصناعي " جورج مشاطي"

ولم يتوقف طموحي عند هذا الحد لذلك اخترت الدخول في مجال طباعة الأقمشة وهي مهنة ليست بالبعيدة عن مجال عملي الأصلي وفي وقت كانت فيه هذه المهنة تعيش في حالتها الضيقة ولم تشهد بعد عصر الانفتاح لينضم إلي فيها شريكاً هو ابن عمي "جاك عباجي" في تجربة جديدة لنا، وبما أننا لانملك الخبرة الكافية في هذا المجال استعنا بالسيد "كاروا إكنادوسيان" وهو صاحب مطبعة "دينار" في منطقة "العزيزية" والتي قدمت لنا الخبرة الضرورية والمساعدات اللامحدودة وأمنت لنا عقوداً إضافية وطلبيات جعلتنا نثبت ذاتنا بين مطابع الأقمشة في "حلب"».

ينظر السيد "يعقوب" إلى مشروعه الحالي "معمل البشاكير" نظرة مختلفة في محتواها، فهو ليس مشروعاً تقليدياً فحسب، لأنه يتأمل منه الكثير خلال المرحلة المقبلة، وعن هذا المشروع وكيف وصل إليه السيد "يعقوب" ومن هم شركاؤه، يجيبنا بالقول: «بدأت فكرة المشروع من خلال ازدياد التقارب السوري - التركي والتي تمثلت بزيارة السفير السوري في "تركيا" إلى أحد معامل شركائي وتم طرح فكرة إنشاء معمل مماثل أو "شركة توءم" في "حلب"، نتيجة وجود المناخ الصناعي والاستثماري الممتاز والمؤهل لإقامة مشاريع على مستوى عال فتشجع شركائي "غازي خوري، جورج خوري، عبود عبدو، طوني عبدو، رازق غزال، جهاد غزال" لهذه الفكرة وتم عرضها بصورة جدية واختيار التوقيت المناسب لها، وبالفعل تمت زيارة المنطقة الصناعية بـ"حلب" في "الشيخ نجار" واختيارها مكاناً رئيسياً للمشروع الذي يحتوي حالياً على معمل لإنتاج البشاكير المخصص للتصدير إلى أوروبا وبمواصفات فنية عالية.

أثناء جولته في مصنع البشاكير

كان هدفي من هذا المشروع إيصال فكرة المنتج السوري بصورته الصحيحة إلى العالم وإبراز قدرة العامل السوري في مجال الصناعة النسيجية وغيرها، وحدودنا مفتوحة وظروفنا مشجعة لأن نقدم أجود مالدينا خصوصاً أننا نتلقى الدعم اللامحدود لنحقق هدفنا، وبالتأكيد عندما يتحول أي مشروع خاص بغض النظر عن حجمه إلى مشروع كبير وقادر على دخول الأسواق الخارجية والمنافسة فيها سيحظى هذا المشروع بالاهتمام الأوسع وسيشغل الحيز الأكبر من التفكير، أنظر إليه الآن بعين التفاؤل باعتباره مشروع العمر لأنه يعتمد على أشخاص أكفاء وقادرين على تحمل هذه المسؤولية بالصورة الكاملة».

يوم عائلي بامتياز ...

يخصص السيد "يعقوب" يوم الأحد من كل أسبوع ليكون يوماً عائلياً بامتياز يقضيه بجانب أسرته وأصدقائه، لكن أين يقضي السيد "يعقوب" هذا اليوم وكيف يبدؤه هو ما يخبرنا فيقول: «بما أنني أخرج من البيت عند الساعة السابعة صباحاً وأعود إليه عند العاشرة وذلك على مدار الأسبوع فأنا أخصص يوم الأحد لأكون فيه قرب عائلتي وكثيراً ما يتحول هذا اليوم إلى مشروع جولة تشمل زيارة الأهل وبعض الأصدقاء في الشق الأول منها، وإلى جولة خارجية في شقها الثاني، لدي أصدقاء مقربون لازموني خلال فترة طويلة ولازلت أتواصل معهم ومنهم المحامي "زياد ملحم" والصناعي "محمد ميري" و "جورج مشاطي" وهؤلاء تربطني بهم علاقة وطيدة جداً ونجتمع في أوقات متفرقة».

السيد "جورج مشاطي" الصديق المقرب من السيد "يقعوب" وهو يعمل في مجال صناعة المعجنات "بيتزا ون"، يحدثنا عن "عباجي" فيقول: «خلال معرفتي به كان "يعقوب" يملك مشروعاً صناعياً بداخله ويسعى لتحقيقه، وقد ضحى بكل طاقته ليصل إلى مشروعه الأخير الذي بين يديه الآن، على الرغم من دعم والده له خلال مرحلة طويلة إلا أنه أثبت للجميع أنه شخص قادر على صنع مستقبل مميز خاص له وأعتقد أنه نجح، ولذلك عوامل كثيرة تبدأ من اختيار الطريق الذي سيسلكه الشخص، إضافة للأدوات المساعدة للفكرة ذاتها، ودراسة حالة السوق وتقبلها لما ستطرحه فيه».