برؤية جمالية خاصة، وموهبة فنية استطاع الفنان "نضال صابر" أن يعبر عن مكنوناته في لوحات تشكيلية، وجداريات كبيرة، مؤمناً بأن الفن يحمل رسالة هادفة تخدم المجتمع.

مدونة وطن"eSyria" تواصلت معه عبر مواقع التواصل الإجتماعي بتاريخ 23 تموز 2018 وعن موهبته يقول: «بدأت موهبتي الفنية منذ الصغر في السابعة من العمر، حيث رافقتني آنذاك حالة غريبة وهي تأمل الأشياء من حولي، ومن ثم أصبحت هذه الحالة تتطور برؤية أشكال تتشكل من خلال نظري، وفي ذهني على شكل كتل توحي بأشكال ما كرسومات، مثل السحب في السماء، وتشققات الجدران، وماشابه ذلك، والدتي هي أول من اكتشف موهبتي من خلال سلوكي ،وإلهامي، واهتمامي، وهي الداعم الأول لي، ومادفعني لدخول المجال الفني هو اللون وإظهار الجمال بشكل نسبي عما نراه من صنيعة الخالق لهذا الكون الجميل، وثم توضحت لي الرؤية كلما رسمت حتى أصبح لدي هدف يقوم على تسخير الفن لإيصال رسالة للآخرين عن قضايا إنسانية، وإجتماعية، وجمالية، وتأثرت ببعض الفنانين الأوروبيين ولاسيما في البورتريه الذي يشعرني بمصداقية الفنان، والشغف باللون، والإحساس الفني».

الفنان المبدع "نضال صابر" من الفنانين الذين قدموا فكرهم وإبداعهم المتميز لخدمة المجتمع، وأعماله تشهد بذلك، وعنده رؤية مختلفة، والمرحلة القادمة ستكشف لنا فنان ذو إحساس مرهف، وصداقتي معه منذ ثلاث سنوات، لكنني أشعر كأنني أعرفه منذ أيام الطفولة، لأن بيننا تطابق كبير في الأفكار، وأتمنى له كل التوفيق في أعماله الفنية دوماً

وعن الموضوعات التي يتناولها في رسوماته يقول: «أتقن جميع المدارس الفنية، ولكن أميل إلى المدرسة التجريدية، وأنتمي إليها لأنها تمثل الهروب من الواقع المؤلم لتحرير النفس من خلال اللون، والشعور بالحرية، أحرر الأشياء كما أراها، وليست كما هي على أرض الواقع، أحب في التجريد اللون في طلاقته بالتعبير عن الحياة، وعن مكنونات النفس العميقة، وغالباً ما أركز على تناول القضايا الإنسانية، لأن الفن، والفنان هو نتاج حالة إنسانية تتلخص في مضمار الحب، والصدق والشعور الجميل في هذه الحياة، ومن خلال لوحاتي أحاول إظهار هذا الجانب السامي في النفس البشرية، التي أصبحت الآن في حالة خلل وعدم توازن في هذا الكون المملوء بالنزاعات، والتي انتهت على النحو الذي نعيشه اليوم من فقر، وجوع، وحروب، وبالنسبة للألوان استخدم جميع الخامات، وطورت نفس من خلال تجارب كثيرة في اللون، وصنعت ألواني من خامات أولية كالأصبغة، والزنك، وزيت الكتان، أجيد التعامل بالخامة، وأفهم سلبياتها، وإيجابياتها، مثل مادة الدهان، وهي من أصعب خامات الرسم، كما استخدام الألوان الحارة أو الباردة، يتوقف على الموضوع الذي أريد رسمه فالحارة تعبر عن ردة فعل الغضب في النفس، والقهر، والدافئة تعبر عن مكنونات الحزن، والشوق، والحنين، والصمت ولكل لون وظيفته في التعبير عن اللوحة».

من معرضه الأخير

وفيما يتعلق بمشاركاته وطموحاته يقول: «مراحل الفن في حياتي كثيرة لأنني خضت تجارب عديدة منها الرسم على الزجاج، والقماش، ورسم الدعاية، والزخارف الفنية والجداريات، والتي أخذ رسمها حيز كبير من حياتي الفنية، قمت برسم لوحات ضخمة لمؤسسة سينمائية، ورسم عدة رسومات جدارية، زينت صفوف و ممرات مدارس عدة بالتعاون مع مديرية "التربية" في "حلب" ومنها مدرسة "الباسل المختلطة للمفوقين"، ومدرسة "شكري القوتلي" ، وثانوية "السيدة مريم"، وغيرها، وكانت مرحلة مهمة في توظيف الفن كرسالة للطالب، وكانت مشاركة مهمة بالنسبة لي لأن للرسم على جدران المدارس أهمية كبيرة لا يدركها البعض فهي بناء للطالب، على مستوى الفكر الراقي الممزوج بالحب، والجمال، وتهذيب النفس، وتحسين الحس البصري للطالب من خلال رسومات فنية وجمالية هادفة تحمل فكر الإنتماء، وحب الوطن، كما كانت لي مشاركات بالعديد من المعارض الجماعية منها "سمبوزيوم فنانين بلا حدود" بدورته الأولى بدعوة من الفنان التشكيلي "مروان الأسعد" في مدينة "نورنبرغ" في "ألمانيا" ومعرض "هنا والآن"، ومشاركة في معرض فني جماعي في "داتش لاند" ، إضافةً إلى معرضين فرديين في "هولندا"».

وعن انتقاله للعيش في "هولندا" يتابع قائلاً: «انتقلت لها عام 2017 ، وتركت الغربة عن الوطن في نفسي أثراً كبيراً، لأن الحنين يشدني لإلتقاط الفرشاة واللون، والبوح من خلالهما على القماش الأبيض في لوحات، كانت تترجم بالحنين، والإشتياق، ولاسيما تعابير اللوحة التي تحمل وتصاغ بتكوينات الحجارة والتراب، وبألوان تحمل دفء الحنين للوطن، ولمست اختلافاً كبير بين الفن التشكيلي في "سوريا" و"هولندا" لأن الفن السوري ممزوج بقضايا اجتماعية، ووطنية بشكل أكبر، أما في "هولندا" فهو أقرب للحالة التعبيرية والجمالية من خلال الحركة اللونية التي تتناسب مع ديكورات منزلية، مع تجاهل المضمون الفكري، وربما يكون ذلك عائداً للوضع المعيشي السائد فهي تعيش حالة مزدهرة ليس فيها نزاعات، أو خلافات، وأطمح كفنان بأن أقدم شيئاً للطفولة، التي يخلدها التاريخ على مر السنين من خلال أعمالي وأن تكون مصدر سعادة بالنسبة للأطفال، فأشعر أن بداخل كل فنان طفل لا يفارقه أبداً».

من حديث الصحافة الهولندية عنه

وعن الفرق بين اللوحة والجدارية ورسالته الفنية يقول: «تلعب المساحة دوراً كبيراً في اللوحة الجدارية، وتحتاج إلى خبرة في ضبط المساحة، والمنظور، واللون، والجرأة التي هي أهم شيء، وتحتاج إلى مجهود جسدي أيضاً، والجدارية تفرض نفسها على الفنان كما هي، أما اللوحة الصغيرة يستطيع الفنان أن يقلبها كما يريد، إضافة إلى الفرق في التعامل مع سطح جدار، والقماش، وملمس كل منهما، وأعتقد أن الفنان بما يقدمه، لا بما يأخذه، ودوره هو العطاء الدائم، بخدمة البشرية في رسالته، وأومن أن الفن نفسه هو أكبر تكريم للفنان من الله عزوجل، وتم تكريمي بقلادة ملكية من أمير في "هولندا"، وتحدثت عني الصحافة الهولندية عند إهدائي لوحة رسمتها خصيصاً له، وعند تقليدي وسام من قبله في معرضي الثاني».

من جهتها "كندا السواس" من مديرية التربية في "حلب" تقول عنه: «هو فنان فلسطيني سوري أعرفه منذ زمن طويل منذ بدأ العمل بالمدارس، بحكم عملي كمهندسة بدائرة الأبنية المدرسية، ومشرف على كثير من المشاريع أحببت التعامل معه، هو إنسان مبدع، لديه أفكار خلاقة، كما يتقبل الأفكار من الآخر، ويبدعها بريشته، لأنني من محبي الرسم وكوني مهندسة معمارية، كنت أحدد بعض الرسومات وأتخيلها، والفنان "نضال" يبدعها بريشته المميزة، وإحساسه العميق، استطاع أن يرسم الفرحة على وجه كثير من الأطفال، وهو حالياً يبدع في بلد آخر، لكن أعماله خالدة في مدارس "حلب" الشهباء، رسم للطفولة والتآخي، ومنع الطائفية، رسم لـ "حلب القديمة"، وللبهجة والجمال، وبانتقاله للعيش في "هولندا" فقدنا علم من أعلام الفن الراقي الهادف».

أعماله الجدارية بأحد مدارس "حلب"

بدوره "جهاد حسن" مصور فوتوغرافي يقول: «الفنان المبدع "نضال صابر" من الفنانين الذين قدموا فكرهم وإبداعهم المتميز لخدمة المجتمع، وأعماله تشهد بذلك، وعنده رؤية مختلفة، والمرحلة القادمة ستكشف لنا فنان ذو إحساس مرهف، وصداقتي معه منذ ثلاث سنوات، لكنني أشعر كأنني أعرفه منذ أيام الطفولة، لأن بيننا تطابق كبير في الأفكار، وأتمنى له كل التوفيق في أعماله الفنية دوماً».

يذكر أن الفنان "نضال صابر" فلسطيني الأصل، ولد في مدينة "حلب" عام 1978 تخرج من معهد "فتحي محمد" في "السبيل" عام 1997.