يمتلك أنامل حساسة قادرة على إدارة الطينة الخزفية كما يمليه عليه ذوقه الفني، وقدرة كبيرة في إضفاء لمساته الفنية والجمالية على الخزف من حيث التشكيل الفني والمضمون الفكري، هو الفنان "زكريا عزوز".

بتاريخ 9 تشرين الأول 2014، تحدث الفنان "زكريا عزوز" لمدونة وطن "eSyria" قائلاً: «ولد الفن معي كموهبة فطرية، في المرحلة الابتدائية من دراستي أتذكر أنني عملت مجموعة من الألعاب الكرتونية مقلداً الآلات الخاصة بالسكك الحديدية، كما كنت أستخدم الألوان المائية في نسخ اللوحات الزيتية، وفي المرحلة الإعدادية تتلمذت على يد الأستاذ "عزيز كدره" الذي ضمني إلى مجموعة الهواة في المرسم المخصص في المدرسة، حيث كنت أنجز كل عام مجموعة من اللوحات منها ما يتعلق بالطبيعة ومنها أعمال قومية، وخلال تلك الفترة تأثرت بالفنان "أدهم إسماعيل" فرسمت مجموعة من أعماله مثل لوحات: "المظلي"، و"الفارس العربي"، و"معركة بورسعيد"، وفي العام 1968 انتسبت لمركز الفنون التشكيلية بـ"حلب"، وعام 1971 تخرجت فيه، وقد قدمت خلال دراستي فيه مجموعة أعمال اتبعت فيها أسلوب الرسم بشفرة الحلاقة بدلاً من السكين، كما تميزتُ بأسلوب التنقيط وشاركت خلالها بمعارض المراكز التشكيلية السورية، ولم تسمح لي الظروف المادية بدخول كلية الفنون الجميلة بـ"دمشق"».

أنا غير متقيد بأسلوب فني محدد، ولكن مجمل الأعمال التي نفذتها تمتاز بالأسلوب الواقعي التعبيري مع ميل نحو التجريد، وأهم المواضيع التي أعمل عليها هي الإنسان في هذا لمجتمع بكل ما فيه من إرهاصات، حيث أجد نفسي مناصراً للضعفاء والمقهورين

ويتابع: «لقد كان لصديقي الفنان "عبد القادر منافيخي" مرسم مستقل خاص به نفذت فيه مجموعة أعمال نحتية لأشارك بها في عدة معارض جماعية، وفي العام 1976 دخلت معترك الحياة العملية بالعمل في معامل وزارة الصناعة، وعام 1978 قدمت مع زميلي "عبد القادر منافيخي"، و"غسان قصير" معرضاً في "دمشق وحمص وحلب" وهنا كانت بداية استقلاليتي فيما يسمى بالأسلوب، إذ تميزت أعمالي بالمواضيع الإنسانية ومحاكاة الطبيعة ضمن مساحات لونية لا تخلو من تأثري بالفنان "أدهم إسماعيل"، وعام 2000 شاركت بمعرض "فوانيس رمضان" في صالة "فندق شهباء الشام" قدمت خلالها مجموعة من الأعمال الخزفية معظمها كانت أعمالاً مستوحاة من المتاحف، حيث قدمتها بأسلوب يحاكي القدم بإعطائها مواد مؤكسدة، وقد تم توزيع تلك الأعمال على معظم فنادق الشام في القطر».

طبيعة - من أعماله

وعن سبب توجهه لمادة الخزف يقول: «بالنسبة لفن النحت هناك مواد عديدة يستخدمها الفنان كالحجر والبرونز والخشب والنحاس وكذلك الخزف، ولكل مادة من هذه المواد خصوصية تمتاز بها ولها أدواتها المادية والزمانية في إنتاج العمل الفني، فكان توجهي لمادة الخزف نوعاً من حب الاطلاع على خاصية هذه المادة، فوجدتها مادة مطواعة وسهلة المعالجة، وهي مادة رخيصة التكاليف ولا تحتاج لأدوات كما هو الحال في مادة الخشب أو الحجر، فاستخدمتها في أعمال مطلوبة في السوق السياحية، كما عملت تصاميم متنوعة ومستوحاة من المتاحف الأثرية بعد أن منحتها الشكل والحس القديمين فلاقت رواجاً كبيراً، ومن أهم الأسباب التي دفعتني لاستخدام الخزف أيضاً في المجال الفني هي حادثة الطفل "محمد الدرة"، حينها كنت في "مصر" وكان لذلك الحدث وما رافقه من ردود فعل مستهجنة أخلاقياً وإنسانياً أثره الكبير في نفسي، فاتخذت من مادة الطين التي هي متنفسي الوحيد للتعبير عن صرخة شبابنا المختنقة في فراغ صنعه الساسة عبر تاريخنا القديم والحديث، فقد أنجزت أكثر من سبعين عملاً أفرغت فيها جل آلامي؛ منها ما هو معالج بمادة الأكسدة أحاكي فيها آلام الماضي، ومنها ما عالجته بألوان الصخر التي تمثل حاضرنا الصامد والمتحدي لعوالم قهره».

وحول أسلوبه الفني يقول: «أنا غير متقيد بأسلوب فني محدد، ولكن مجمل الأعمال التي نفذتها تمتاز بالأسلوب الواقعي التعبيري مع ميل نحو التجريد، وأهم المواضيع التي أعمل عليها هي الإنسان في هذا لمجتمع بكل ما فيه من إرهاصات، حيث أجد نفسي مناصراً للضعفاء والمقهورين».

من أعماله الخزفية

وحول تجربة الفنان "عزوز" الخزفية يقول الناقد الفني "محمود مكي": «تميزت خزفياته بقوة تعبيرية، وذلك ضمن مفاهيم الواقعية التعبيرية التي تبيح للفنان إعادة صياغة الواقع بما يتناسب بمفاهيمها التعبيرية والفكرية مع تشكيلاتها الفنية، لم ينس "عزوز" المستويات الفنية للمشاهد وحضور الخزفيات التاريخي في حضارتنا العربية، ومدى تأثيرها المباشر في الحياة اليومية، فحاول بكل مهارة صنعاً وفناً أن يزاوج بين المفاهيم التطبيقية الصناعية للخزف وبين المفاهيم الفنية التشكيلية المعاصرة، فجاءت أعماله منسجمة تماماً بين مفهوم الاستخدامات العملية اليومية، ومفهوم الفن التشكيلي حيث جعلها تنبض بالحياة بذلك الإحساس الإنساني المرهف من خلال الحركات والتكوينات الداخلية والخارجية للكيان الإنساني، وإعطائها تلك الرؤية الفكرية المتلائمة مع الرؤية الجمالية على حد سواء».

يذكر أن، الفنان "زكريا عزوز" من مواليد مدينة "حلب" عام 1954، وهو خريج مركز الفنون التشكيلية بـ"حلب" عام 1971، ومشارك في العديد من المعارض الفنية الفردية والجماعية.

من أعماله الخزفية