«يقولون أن الصورة تساوي ألف كلمة! إلا أنني لم أدرك معنى هذا الموضوع إلا عندما بدأت رحلتي في عالم التصوير!».

بهذه الكلمات البسيطة تعبر الشابة "انجيليك سانوسيان" عن نفسها في المعرض الشخصي الأول الخاص بها والذي قررت أن تكون فكرته هي عن الأطفال "المصابين بالصمم" في عالمهم الخاص "عالم الصمت" في فكرة ذات بعد إنساني وفني والذي أقيم ضمن مقهى "نهر الفن" (Art River) مساء يوم الأحد 25/10/2009 في فكرة تقول هي عنها:

هناك أناس أود توجيه الشكر لهم. منهم السيد "سيغاتيل" الذي دعمني وعرض علي أن أعرض الصور في المقهى لديه، والأستاذ "عيسى توما" الذي ساعدني في اختيار الصور و"ناظم جاويش" الذي ساعدني على وضع اللوحات والتحضير للمعرض

«جاءت الفكرة مع دخولي إحدى الجمعيات الخيرية والتي هي جمعية "أحلام" لرعاية المصابين بالصمم وذلك للمرة الأولى مع صديقة لي. وقتها، دخلت إلى الباحة وشعرت بالخوف! كان هناك الكثير من الأصوات داخل الباحة والحركة واللعب من أطفال لا يسمعونها! هنا برزت الفكرة والمشروع في رأسي وبدأت العمل عليه».

حرف الهاء بلغة الإشارة

وتتابع بأنها بدأت بعد ذلك بتعلم لغة الإشارة لتكتشف عالما آخرا جديدا وفريدا من نوعه تقول عنه:

«يعتقد الناس في العادة بأن الأشخاص الصم في العالم كله يتحدثون ذات لغة الإشارة، ولكن في الواقع فإن لكل منطقة أو دولة لغة إشارة خاصة بها، فمثلا هناك لغة الإشارة الخاصة بالمنطقة العربية، وأخرى خاصة بالولايات المتحدة وثالثة لأوروبا وهكذا دواليك حيث لا يستطيع الشخص الأصم من أوروبا التفاهم مع الأصم من أمريكا مثلا. والأمر يشابه اللغات المنطوقة تماما».

"أنجيليك" أمام واحدة من صورها

لأجل هذا حاولت المصورة "أنجيليك" تجسيد هذا العالم وهذه الفكرة من خلال التقاط صور تعبر عن لغتهم الخاصة بهم حيث تتابع قائلة:

«تعلمنا نحن لغة الإشارة العربية الخاصة بالمصابين بالصمم، وحاولت من خلال صوري تفسير الفرق بين إشارتنا نحن ومعناها بالنسبة لنا، وما بين معناها بالنسبة لهم هم. بالنسبة لنا مثلا، فإن رفع اليد وإظهار باطن الكف تعني عبارة التحية، أما لديهم فهي ترمز إلى حرف السين».

وقد اختار "انجيليك" /18/ صورة لتتشارك بها مع الناس في معرضها حيث تقول بأن هذه الصورة اختارتها من أصل /150/ صورة التقطتها خلال فترة عام كامل كانت تزور المدرسة فيها وتختم بالقول:

«هناك أناس أود توجيه الشكر لهم. منهم السيد "سيغاتيل" الذي دعمني وعرض علي أن أعرض الصور في المقهى لديه، والأستاذ "عيسى توما" الذي ساعدني في اختيار الصور و"ناظم جاويش" الذي ساعدني على وضع اللوحات والتحضير للمعرض».

يذكر أن الصور مخصصة للبيع وريعها سيعود إلى جمعية "الأحلام" التي ترعى هؤلاء الأطفال كما قالت لنا "أنجيليك".

من جهته يقول السيد "عيسى توما" المختص في مجال التصوير وذي الخبرة الطويلة بأن ما قامت به "أنجيليك" كان مميزا ومثيرا للاهتمام من عدة نواحي يقول عنها:

«أنا من الناس الذين يشجعون فكرة المعرض الذي يتحدث بكامله عن موضوع معين مثل تلك التي تقام في أوروبا وليس المعارض التي تضع أكثر من فكرة في نفس الوقت ويكون الاهتمام فيها منصبا على التقنية والصورة. عندما تكون فكرة المعرض مترابطة مع بعضها البعض، يؤدي ّلك إلى إعطاء الحياة للمعرض والصور والغني والتميز».

ويتابع بأنه بالرغم من أن الفكرة ليست بالفكرة الجديدة، إلا أن معالجتها لها وأسلوبها كانا متميزين حيث يتابع قائلا:

«من المهم التطرق إلى موضوع المعاقين والاقتراب منهم أكثر خصوصا وأن ندرة من المصورين تعرضوا إلى هذه الفكرة. اعتقد أن صورها كانت مميزة، وقد ركزت على أصابعهم وتعابير وجههم والتي هي الطرق التي يعبر فيها هؤلاء عن أنفسهم على اعتبار أنهم لا يستطيعون الكلام».

وقد قدم السيد "سيغاتيل باسيل" صاحب مقهى "نهر الفن" الدعم للشابة "أنجيليك" عن طريق عرضه لاستضافة صورها لديه حيث يقول:

«الفكرة أعجبتني كونها تقدم شيء غريب وعالم مختلف عن عالم اللغة الطبيعية المحكية، وفرصة يجب أن يراها الناس. أما الفكرة من عرض لوحاتها هنا فهو التشجيع. فمثلا شخص مثل "أنجيليك" بحاجة إلى مكان يعرض فيه إبداعه ليراه الناس ويتمتعوا به وهناك الكثيرون غيرها حيث الشروط لدي بسيطة وتتمثل في امتلاكه لعمل موهوب. وكما ترى فإن الجو أقرب إلى جو العائلة ولا يوجد تعقيد، نحن نقدم الخطوة الأولى لهم ومن ثم ينطلقون».

عالم المصابين بالصمم، عالم من دون صوت دخلته "أنجيليك" لتخرج منه بصور كانت صامتة إنما بليغة وتتماشى تماما مع قواعدهم وعالمهم الخاص... عالم بدون كلمات... عالم الصمت.