تتعدد الطرق والأساليب الفنية للحفاظ على الفلكلور والتراث في كل بلد وحمايته من الضياع كالفرق الفنية والمطربين التراثيين والمتاحف الشعبية والصور الفوتوغرافية وغيرها، لكن الفنان "جميل كنهوش" له طريقة خاصّة وممتعة في ذلك حيث يقوم بصنع الدمى الخشبية ويعالجها فنياً من حيث الشكل واللون ويجعلها تجسّد التراث الشعبي من أزياء ومظاهر اجتماعية باتت اليوم بحكم المندثرة.

في تصريح خاص لمراسل موقع eSyria الذي التقاه في محله بخان "الشونة" السياحي قال الفنان "جميل كنهوش": «صناعة الدمى الخشبية موجودة في أغلب أسواق العالم حيث يقوم فنانو كل بلد بصنعها لتشرح للمواطنين والسياح موضوعات تراثية خاصّة مثل الأزياء الشعبية وغيرها فهناك مثلاً الدمى الروسية والدمى الاسكندينافية..الخ».

الكثير من الفنانين يقومون بصنع الدمى وذلك باستخدام البلاستيك أما أنما فاعتبر من القلائل الذين يستخدمون الخشب والألوان حيث تدوم بشكل أطول

«لقد بدأت قصتي مع هذا النوع من الفن كهواية ثم قمت بدراستها دراسة علمية قبل أن أبدأ بالعمل الفعلي به من خلال اطلاعي وقراءتي للعديد من الكتب والمراجع المتعلقة بالتراث الشعبي في "سورية" حيث كنت في المرحلة النظرية من العمل وقد ساعدتني زوجتي كثيراً في هذا المجال، وفي العام /1990/ ومع افتتاح خان "الشونة" السياحي بدأت بممارسة هذا الفن بشكل رسمي وبقيت زوجتي إلى جانبي تساعدني في العمل من خلال خياطة الأزياء الشعبية وذلك بمقاسات صغيرة تلائم حجم تلك الدمى».

الدمى الخشبية المرسومة بالألوان

وأضاف بالقول: «أقوم بصناعة نوعين من الدمى والنوعان مصنوعان من الخشب، وهي الدمى الخشبية التي يتم تلوينها والدمى الخشبية القماشية، النوع الأول أقوم بصناعتها بواسطة الخشب مع استعمال الألوان في رسم الأزياء الشعبية الخاصّة حيث أركّز فيها على الألوان الزاهية تقليداً لما تلبسه المرأة فالبيئة المحيطة بها لا تمنعها من ارتداء الألوان (الصارخة)، كما يتم تحلية اللباس بمزوقات خاصّة مثل أقراط في الأذن أو أساور في يديها، أما الرجل (الدمية) فيتم صنعه في العادة بطربوشه الأحمر وشاربيه المعكوفين وسبحته وعكازته وهو يمثل الرجل (القبضاي)».

«النوع الثاني من الدمى هي الدمى التي تُلبّس بالقماش وهي تتطلب معلومات موثقة عن اللباس الشعبي في بلدنا حيث يتم قص وفصل وخياطة لباس بمقاسات صغيرة تمثل الزي الشعبي للمنطقة المعينة، وهنا أيضاً يتم تحلية اللباس بمزوقات فضية وسواها مما ترتديها المرأة أو الرجل وتكون عادة مكملة لزيهما، إضافةً إلى الدمى التي تؤدي غرضاً اجتماعياً كالباعة والموسيقيين والجالسين في المقاهي الشعبية والدراويش والحكواتية وهم يرتدون القمباز والصاية والطربوش ويمارسون العزف أو لعب النرد أو يدخنون الأركيلة وغيرها».

الدمى الخشبية التي تجسد الزي الشعبي للمرأة الحلبية

وعن أهمية هذه الدمى سياحياً قال: «الدمية تقدم للزائر سواء أكان سائحاً أو مواطناً معرفة حسية عن طريق تلمّسها ورؤيتها من الزوايا الأربعة وبالتالي تقدم له معرفة أكثر مما تقدمه له الصورة العادية وبالتالي تزداد معرفته بها».

«الكثير من الفنانين يقومون بصنع الدمى وذلك باستخدام البلاستيك أما أنما فاعتبر من القلائل الذين يستخدمون الخشب والألوان حيث تدوم بشكل أطول».

دمية تمثل الحياة الاجتماعية في حلب -اللعب بالنرد

وختم الفنان "جميل" حديثه لموقعنا بالقول: «في الحقيقة عملي غير مربح أبداً من الناحية المادية لأنّ هناك مجموعات محددة من السياح من يرغب باقتناء هذه الدمى أما المواطن فقلما يشتريها لأنها تعتبر أساساً من المواد الكمالية ولكن ومع ذلك فأنا مصمم على متابعته وتطويره بهدف الحفاظ على التراث الشعبي لبلدي واطلاع السياح على جزء مهم من تاريخه الفلكلوري والتراثي الذي يحتاج منا التعب والجهد».

يُذكر أنّ الفنان "جميل كنهوش" هو من مواليد "حلب" في العام /1948/ ويحمل إجازة في الأدب العربي ودبلوم في التربية ومتقاعد حالياً يعمل في محله في خان "الشونة" في صناعة الدمى الخشبية وتساعده زوجته في ذلك من خلال قص وتفصيل موديلات اللباس للدمى التي تحرص على أن يكون جزءاً من الزي الشعبي لمجتمعنا، وهي دكتورة في اللغة الفرنسية بجامعة "حلب" ولها دور فعّال -كما يقول الأستاذ "جميل"- في صناعة الدمى الخشبية.