أنجبت مدينة "حلب" على مر تاريخها الطويل العديد من الفنانين المبدعين الذين ساهموا من خلال أعمالهم ونتاجاتهم في إبراز الصورة الثقافية المشرقة لهذه المدينة وفي مختلف الميادين، ومن هؤلاء المبدعين الذين رسموا بصمة فنية واضحة في الحياة الثقافية والتراثية لمدينة "حلب" الفنان المبدع "أحمد ديبة" وذلك في مجال صناعة موزاييك الفسيفساء التراثية.

في محله بخان "الشونة" السياحي التقى مراسل موقع eSyria بالفنان "أحمد ديبة" الذي بدأ حديثه متكلماً عن بداياته الفنية بالقول:

حالياً أقوم وأعمل على إحياء حرفة صناعة موزاييك الفسيفساء التراثية وحمايتها من الانقراض والاندثار والضياع وتعليمها لأجيال المستقبل وكذلك نشرها في مختلف أنحاء العالم

«لقد كانت بداياتي في العام /1973/ من خلال العمل في مجال فن زخرفة الرخام التزييني للجدران والأرضيات وديكور المساجد والقصور والحمامات، والذي كانت تُعرف حينها بزخارف الخيط العربي للرخام وقد ورثته عن أجدادي وآبائي».

وجه من الفسيفساء

«وفي العام /1990/ قمت بإدخال بعض التعديلات على القواعد الزخرفية والهندسية المتعارف عليها في ترصيع الرخام في بعضه يدوياً وتطوير هذا الفن الذي اشتهرت به وحملته معي إلى دول العالم باسم "سورية"، كما عملت على إحياء صناعة الفسيفساء التي تعرضت للانقراض منذ عصور طويلة وابتعد عنها الناس لأنها تحتاج إلى عمل يدوي وجهد ودقة متناهية وفن ووقت طويل وعملت على نشره محلياً وعالمياً وبالتالي ساهم عملي في خلق الطلب على صناعة الفسيفساء التراثية».

ويضيف: «في الفترة ما بين /1980 -1990/ عملت على استخدام الرخام في الزخرفة وتجميل البيوت والمباني الأثرية، كما عملت أيضاً في "الأردن" في صناعة الزخرفة والأعمال التزيينية لأفخم القصور والجوامع وذلك في الفترة بين /1973 -1989/، وعملت مع الشركات والخبراء الايطاليين في مجال ترميم الآثار والفسيفساء وذلك في منطقة "مأدبة" الأردنية بين أعوم /1985 -1988/، لقد قمت خلال حياتي بتنفيذ أعمال فنية هامة وضعت في أماكن إستراتيجية حول العالم».

من إبداعات يديه

وتابع قائلاً: «حالياً أقوم وأعمل على إحياء حرفة صناعة موزاييك الفسيفساء التراثية وحمايتها من الانقراض والاندثار والضياع وتعليمها لأجيال المستقبل وكذلك نشرها في مختلف أنحاء العالم».

وعن أهم الأعمال التي أنجزها خلال مسيرته الفنية يقول الفنان "أحمد ديبة": « لقد قمت بأعمال الديكور لمجموعة من القصور والقاعات الشرقية والحمامات، وكذلك لوحات لعدد من الشخصيات الهامة داخل "سورية" وخارجها وأهمها في المساجد والقصور الملكية الأردنية مثل جامع الملك "عبدالله" وجامع الملك "حسين" وجامع "أبو قورة" وجامع الأنوار في مدينة "حلب" ومبنى السفارة السورية في "الكويت" وعدد من قصور أمراء "السعودية" وعدد من القاعات الدمشقية، إضافةً إلى أعمال متفرقة في العالم مثل "الإمارات" وديكورات مطاعم شرقية في كل من "ألمانية" و"اسبانية" و"فرنسة" و"انكلترة"».

جداريات من الفسيفساء

«لقد قمت بصنع العديد من اللوحات الرخامية والفسيفسائية وقدمتها لأبرز الشخصيات في العالم وأهمها: درع من الرخام لشخص الرئيس الخالد "حافظ الأسد" رحمه الله في العام/1993/، لوحة من الفسيفساء شخصية لعائلة السيد الرئيس "بشار الأسد" في العام /2004/، لوحة من الفسيفساء لجلالة ملك "اسبانية" "خوان كارلوس" في العام /2003/، لوحة من الفسيفساء لجلالة ملكة اسبانية "صوفيا كارلوس" صُنعت هذه اللوحة لأول مرة في التاريخ الفني بأن مزجتُ في صناعتها بين فني النحت والفسيفساء بطريقة رائعة الجمال استحوذت أنظار العالم من مهتمين وإعلاميين وقنوات فضائية التي تحدثت عن دمج هذا الفن لأول مرة في التاريخ، لوحة من الفسيفساء تجسّد قلعة "حلب" العظيمة قدمتها لملك وملكة "اسبانية" خلال زيارتهم التاريخية لمدينة "حلب" في العام /2003/، لوحة لجلالة ملك وملكة "بلجيكة" في العام /2007 /، لوحة فسيفسائية كبيرة من الموزاييك الفسيفسائي للملك "عبد العزيز" مؤسس المملكة العربية السعودية مع أبنائه جميعاً وقد أخذت هذه الصورة من كتاب سيرة الملك "عبد العزيز" والتي تعود للعام / 1946/ و قد نُصبت في قصر صاحب السمو الملكي الأمير "عبد الله" ولي عهد المملكة العربية السعودية في العام/2004 /، عدة لوحات فسيفسائية لصاحب السمو الملكي الأمير "ماجد بن عبد العزيز" في العام /2003/، عدة لوحات فسيفسائية لصاحب السمو الملكي الأمير "محمد بن فهد بن عبد العزيز" في العام /2003/، لوحات فسيفسائية عدة لصاحب السمو الملكي الأمير "عبد العزيز بن ماجد بن عبد العزيز" العام /2004 /، لوحة فسيفسائية لصاحب السمو الشيخ "محمد بن راشد آل مكتوم" ولي عهد "دبي" وزير الدفاع العام / 2004/، لوحة فسيفسائية لوزير داخلية "أبو ظبي" اللواء "محمد سعيد البادي" العام/2004/، لوحة للمغفور له الشيخ "راشد" مع ابنه صاحب السمو الشيخ "محمد بن راشد آل مكتوم" وهي صورة رائعة مع صاحب السمو بعمر/ 6/ سنوات قد استغرقت مدة طويلة من الوقت والدقة وقدمت في العام /2005/».

«لوحة "الموناليزا" للفنان "ليوناردو دافنشي" في العام/ 2004 / حيث قمت بتحويلها إلى لوحة فسيفساء مصنوعة في غاية من الدقة والإتقان وتحمل نفس خصوصية اللوحة الأصلية من مزايا و تفاصيل دقيقة ونُفذت لأول مرة في العالم بتحويلها إلى لوحة فسيفسائية من الحجر الطبيعي حيث ضمت فسيفسائها أحجاراً من معظم مناطق العالم لتكون فريدة وذات خصوصية تامة وقد نالت على دهشة الكثير من الخبراء والمهتمين بالأعمال الفنية التراثية واستغرق إعدادها عامين وذلك بين /2002 -2004/، كما قمت بصناعة عدة لوحات زيتية لمجموعة من الفنانين العالميين أمثال "رفائيل" و "يوتشينو" المعروفين عالمياً وذلك في الأعوام /2001 -2002/».

ويختم الفنان "أحمد ديبة" حديثه بالقول: «لقد تزايد الطلب على صناعة هذه الأعمال التراثية التاريخية المصنعة من الفسيفساء الخام بعد أن زاد الاهتمام بها بشكل كبير من الجميع وقد أدى ذلك إلى توسيع رقعة العمل والتعليم والتأهيل لعدد من شباب المستقبل للارتقاء بهذه الصناعة التراثية الفريدة من نوعها على مستوى العالم وحمايتها من الضياع والاندثار».

يُذكر أنّ الفنان "أحمد ديبة" هو من مواليد "حلب" في العام /1958/ وعضو في اتحاد الفنانين العرب.