استطاع الدكتور "علي سريو" أن يبني لنفسه قاعدة جماهيرية كبيرة، ناتجة عن عطائه المخلص ومحبته للمرضى وطلابه، وإتقانه لعمله الذي جعل منه الطبيب الإنسان والمرجع لكلّ الأطباء المتخصصين بطب الأطفال، وقدم العديد من الأبحاث التي سطرها لخدمة العلم.

مدونة وطن "eSyria" التقت الطبيب "علي سريو" بتاريخ 16 تشرين الثاني 2017، ليحدثنا عن بداياته قائلاً: «ولدت في مدينة "حلب" عام 1951 في حيّ "الجلوم"، ونشأت ضمن عائلة شديدة الفقر، تشمل عشرة إخوة توفي منهم اثنان، أحدهما بالتهاب الكبد الحاد، والآخر بسبب سوء التغذية. يحمل أبي الشهادة الابتدائية، ووالدتي أميّة لم تسمح لها الظروف بالتعليم.

أقدم محاضراتي بأسلوب خاص علمي ممتع، تتخلله الفكاهة أحياناً، وألجأ أحياناً إلى التفاصيل العملية عن طريق الحكايات الشعبية؛ وهو ما يزيد نسبة الحضور إلى ثلاثة أضعاف عدد الكراسي الموجودة في المدرج. وعن عمله في العيادة، قال: «أنا طبيب معالج ومرجع لأطباء الأطفال في الحالات الصعبة والمستعصية، حيث ترسل إليّ هذه الحالات وأنا أشخّصها وأردها إلى الطبيب بكل حب، لأنه واجبي

أتممت دراستي في المدارس الحكومية حتى حصولي على الثانوية عام 1969، بمجموع أهلني لدخول كلية الطب في مدينة "حلب"، كان طموحي أن أكون مهندس عمارة، ولم أختر مهنة الطب، إلّا أنّ والدي أجبرني على دخولها.

أ.د علي سريو في استوكهلم

لم يكن لدي الظروف المناسبة لممارسة أي هواية؛ لأنني كنت أعمل دهّاناً مع والدي في العطلة الصيفية منذ الابتدائية حتى السنة الخامسة في كلية الطب.

تخرجت في الكلية عام 1976، ثم خدمت العلم، بعد ذلك سدت كل الأبواب في وجهي بسبب الحالة المادية التي جعلتني عاجزاً، إلى أن حصلت على منحة فرنسية عبر جامعة "حلب" لدراسة طب الأطفال، وهناك حصلتُ على شهادة الاختصاص في طب الأطفال من أكاديمية "ليون - برنار"، وعدت من دون تلكؤ لألتحق بكلية الطب معيداً، ثم مدرّساً، إلى أن حصلت على لقب أستاذ منذ 17 عاماً».

د.إبراهيم الحديد

وعن أهم ما قام به نحو المهنة ومدينته، يضيف: «قمت بتأليف أربعة كتب لطلاب الطب، وكتيباً للعناية بالطفل للأمهات، وأشرفت على أكثر من مئة بحث علمي للدراسات العليا، وشهادتي دكتوراه في طب الأطفال.

لقد أهداني القدر مهنة رائعة لم تكن من اختياري في البداية، ونظراً لأنني أشعر بالامتنان نحو "حلب" ومدارسها وجامعتها، فقد قررت من دون تردد البقاء في بلدي الغالية، واستمريت في عملي الجامعي والمهني في طب الأطفال، وتحملت أصعب الظروف مثل الكثيرين من السوريين والحلبيين بوجه خاص».

وعن مشاركاته في المؤتمرات العلمية وما أضافته إليه، قال: «شاركت في مؤتمرات عديدة محلية في "حلب" و"دمشق" و"اللاذقية"، ومؤتمرات إقليمية في "لبنان"، ودول الخليج، وكان آخرها في "استكهولم"، حيث ألقيت محاضرة للعناية بحديثي الولادة تحت عنوان: (كيف تتم العناية بحديثي الولادة في "حلب" في ظل الأزمة؟) وعرضت من خلالها الصعوبات التي نعيشها، وكيف نتعامل مع ظروفنا لنؤمن احتياجات المرضى في ظل الظروف الصعبة من نقص في الكوادر والأدوية والإمكانيات، ومع ذلك كنا نعمل، وكان ذلك موثقاً بالصور. وركزت في المؤتمر على أنّ مستشفى جامعة "حلب" كان المكان الذي استمر في العمل الدائم والداعم للعناية بالوليد والأطفال خلال الأزمة؛ لأننا خسرنا الكثير من المستشفيات. كان من الضروري أن يعرف العالم وضعنا الصحي وما نواجهه من مخاطر وصعوبات يمكن أن تؤدي إلى الموت في كثير من الأحيان».

وعن عمله في جامعة "حلب"، قال: «أقدم محاضراتي بأسلوب خاص علمي ممتع، تتخلله الفكاهة أحياناً، وألجأ أحياناً إلى التفاصيل العملية عن طريق الحكايات الشعبية؛ وهو ما يزيد نسبة الحضور إلى ثلاثة أضعاف عدد الكراسي الموجودة في المدرج.

وعن عمله في العيادة، قال: «أنا طبيب معالج ومرجع لأطباء الأطفال في الحالات الصعبة والمستعصية، حيث ترسل إليّ هذه الحالات وأنا أشخّصها وأردها إلى الطبيب بكل حب، لأنه واجبي».

الدكتور "إبراهيم الحديد" مدير مستشفى وعميد كلية الطب سابقاً، قال: «الدكتور "علي سريو" أستاذ جامعي، وطبيب متزن منظم، وإنساني إلى أبعد مدى، حيث التزم خلال المرحلة الصعبة السابقة في المستشفى، وكان له فضل كبير أثناء الأزمة التي واجهتها "حلب"، وأثبت التزامه مع الأطفال والأهالي وزملائه، إضافة إلى متابعته لطلابه. علاقته مع الإدارة لها تميز خاص؛ فهو يقدم كل ما يطلب منه برحابة صدر، ومن الناحية العلمية والمهنية هو إنسان نزيه يتعامل بصدق وتضحية مع طلابه ومرضاه، والذي يميزه أيضاً صراحته في آرائه».

يذكر أن الدكتور "علي سريو" ممثل جامعة "حلب" في هيئة "البورد" العربي لاختصاص طب الأطفال التابع لجامعة الدول العربية، ورئيس قسم الأطفال في جامعة "حلب".