تكلّلت مسيرة المذيع "وليد خربطلي" الإذاعية بجوائز عدة؛ فهو من الرعيل الثاني المؤسس لإذاعة "دمشق"، رفض عروض العمل في الإعلام المرئي عن قناعة، وكتب الدراما الإذاعية، وحصد ثقافة طوّعها لخدمة ذاته ومستمعيه.

برامج إذاعية كثيرة ومتنوعة التصنيفات قدمها المذيع "وليد خربطلي"، وكان أكثرها حبّاً لديه "حياة بلدة"؛ بحسب حديثه مع مدونة وطن "eSyria" بتاريخ 14 تشرين الأول 2016، وعن نشأته الإذاعية يقول: «البدايات مع الإعلام كانت عام 1975 في "إذاعة دمشق"، واستمرت حتى عام 1983، حيث صنفت كمذيع للإذاعة، ومن الرعيل الثاني المؤسس لها؛ أي إنني من كوادرها الأساسيين، وتنقلت بينها وبين إذاعة "صوت الشعب" مستقر العمل المهني الحالي؛ لأنني أرى الإعلام الإذاعي مدرسة الإعلام، ومن يرغب أن يصبح إعلامياً ناجحاً يجب أن يبدأ منه، ثم يتدرج بين بقية الوسائل الإعلامية إن رغب؛ لأنها الحاضنة التي تمنح الثقافة الإعلامية الصحيحة.

يمتلك ثقافة عالية ولغة جميلة جداً لكونه خريج قسم اللغة العربية، وقد اعتمدها لتكون قاعدة صلبة من الإدراك المجتمعي والعقل الجمعي

خلال عملي قدمت العديد من البرامج الاقتصادية والثقافية والاجتماعية والمنوعة، لكن أكثرها حباً بالنسبة لي برنامج "حياة بلدة"؛ لأنه كان نواة للثقافة والمعرفة والعلاقات الاجتماعية بيني وبين الضيوف والمستمعين المتابعين سماعياً وهاتفياً، واللافت بالأمر أنني كنت أتعرف إلى أناس في جولات البرنامج الميدانية، وأسست معهم علاقات اجتماعية جيدة لتكوين المصداقية بين الواقع والبث الإذاعي المباشر؛ فالمستمع يرى كيف تنجز الحلقات، ويتابع كيف تبث إذاعياً، ويكوّن الصورة الذهنية كمتلقٍّ وجمهور متابع».

الصحفية لما كيالي

تمكن المذيع "وليد" من خلال جولاته الميدانية المهنية من إنشاء بنك معلومات جيد يعتمد عليه في عمله، وأضاف: «الأهم من هذا أننا كنا نلحظ ما هي حاجة المتلقي من الإعلام والخدمات وغيرها، ليتم تلبيتها من قبل المعنيين؛ وهو ما ساعدنا على تكوين قاعدة جماهيرية كبيرة نرتكز عليها في الوقت الحالي مع تطور الأدوات ودخول المعلوماتية وثورة الاتصالات عالم الإعلام؛ أي إننا مازلنا موجودين، ولدينا جمهورنا ضمن زحمة القنوات الإذاعية والتلفزيونية والشبكية».

وقد كانت عناوين مراحل عمله الإذاعي كلمة واحدة هي "الإبداع"، وهنا قال: «من المهم أن يكون المذيع خلاقاً في برامجه وطريقة تفكيره، ليبدع برامج إذاعية تواكب الحاجة وتلبي المتطلبات الجماهيرية، وإلا سيخسر ما تعب على تأسيسه سنوات طويلة بلحظات معينة قليلة، وبالنسبة لي حققت هذا في الكثير من البرامج الميدانية؛ فمنها كانت تولد أفكار برامج أخرى هادفة، وترى النور بسرعة».

المذيع وليد خربطلي

في ظل العولمة الحالية تأثر الإعلام الإذاعي بعض الشيء، ولكن يرى المذيع "وليد" أن لكل شريحة متابعة اختصاصاً إعلامياً متفرداً، ويتابع: «أدرك تماماً أن المتلقي الإذاعي لا يفارق الإذاعة أبداً مهما واكب تقنيات إعلامية جديدة، وهنا نعتمد على شرائح المجتمع، منها المقاتلون والساهرون على خطوط النار البعيدون عن الإعلام المرئي، وكذلك ربّة المنزل في مطبخها، وسائق السيارة، وأصحاب المحال والمتجولون في الشوارع والأحياء، وغيرهم الكثيرون. والفكرة أنه لم تأتِ وسيلة إعلامية لتلغي الوسيلة السابقة، بل لتواكب تطوراً أو حالة أو مطلباً جماهيرياً؛ وهو ما خلق وساهم في وضع التصنيف للجمهور وفق رغباته وميوله».

ومع الكثير من العروض للعمل في وسائل إعلامية مرئية وغيرها، لم يفارق الإذاعة لأنه يشعر بالانتماء إليها، حيث أكد: «لكل وسيلة إعلامية كوادرها الأساسيين، وفي العمل الإذاعي أجد نفسي من كوادر إذاعة "دمشق"، وكذلك "صوت الشعب"، ولن أكون من دونهم على الرغم من وجود الكثير من عقود العمل التي قدمت لي ورفضتها، بل وكان لزاماً علي العمل على تطوير العمل وتقديم الأفضل، فكتبت الدراما الإذاعية، وقدمت أعمالاً درامية مهمة جداً، وفي عام 2009 تم تكريمي كأفضل كاتب دراما إذاعية، ومن عدة أشهر كرمت محلياً عن أفضل نصّ درامي».

الصحفي علاء سليمان

التعامل الصوتي مع المراسلين الإذاعيين في المحافظات له خصوصية، يقول عنها: «وفق رأي بعضهم؛ فالحالة البصرية تعطي نصف المعلومة والنصف الآخر للصوت والحديث السماعي والحقائق، وبالنسبة للتعامل الإذاعي مع المراسلين في مختلف المحافظات كان تجربة مميزة، علماً أن منهم من لم أره شخصياً أبداً، ولكن الصورة الذهنية متكونة، وأخذت أبعادها بناءً على هذا التعامل، وهذا مهم لتحقيق أعلى مستويات النجاح في العمل بين المذيع والمراسل».

ويتابع: «المراسلون الإذاعيون مثقفون لدرجة أقول عنها منقذة ونافذة، فهم يملكون من كل شيء شيئاً، وهذا مهم جداً، عملت عليه شخصياً مع المراسلين، ومنحتهم الثقة منذ اللحظات الأولى للعمل، بل حملتهم المسؤولية ليتمكنوا من محاكاة النتائج وصناعتها كما يجب؛ لأنه السبيل لإيصال الصورة الواقعية سمعياً عبر الإعلام الإذاعي، وفعلاً كان التعامل مع المراسلين الإذاعيين الشباب تجربة جيدة ومهمة وناجحة، وإن أردنا صناعة إعلام ناجح يجب أن نبدأ من هؤلاء الشباب؛ لأنهم ربان السفينة في المستقبل، وعليه قدمت وما زلت أعتمد عليهم في برامجي، فهم عين الرؤية التي أرى بها مختلف المحافظات، ومن هذه البرامج برنامج "يسعد مساك سورية"».

وفي لقاء مع الصحفية "لما كيالي"، قالت: «العمل الإذاعي من المذيع "وليد" تجربه تحمل بين طياتها الكثير من الفائدة؛ ففي كل يوم دروس عملية جديدة، وقد سعى لأن تكون واقعية عبر التدريب العملي في البث المباشر وضمن البرامج، فهو يمتلك القدرة المميزة لتدارك هفوات المراسلين، وإدارة الحوار في اللحظات الحساسة وبطريقة ذكية فلا يدرك المتلقي تلك الهفوات، كما أن العمل معه يتميز بالسهل الممتنع من خلال البساطة في الحوار، والتميز في طرح الأسئلة ذات الأبعاد الهادفة».

أما الصحفي "علاء سليمان"، فأكد أن تجربة العمل مع المذيع "وليد" لها انعكاسات جميلة على تجربته العملية؛ فهو من المخضرمين في العمل الإذاعي، ولا يزال يملك طاقة متجددة تمنحنا الأداء والدوافع للعمل والنجاح، مضيفاً: «يمتلك ثقافة عالية ولغة جميلة جداً لكونه خريج قسم اللغة العربية، وقد اعتمدها لتكون قاعدة صلبة من الإدراك المجتمعي والعقل الجمعي».

يشار إلى أن المذيع "وليد أحمد حمدي خربطلي" من مواليد "حلب"، عام 1956.