تتعرض معظم مناطق "حلب" سنوياً إلى موجات من الصقيع التي تؤثر سلباً بمواسم المزارعين ومنتجاتهم؛ فيخسرون بذلك مبالغ طائلة يعتمدون عليها في تأمين حياتهم المعيشية.

مدونة وطن "eSyria" التقت في مدينة "عفرين" بتاريخ 7 كانون الثاني 2016، المزارع "حسن إبراهيم" الذي حدثنا عن تعريف الصقيع على حد معرفته كمزارع قائلاً: «يعدّ الصقيع في عرف المزارعين من أكثر الظواهر الطبيعية تأثيراً في المزروعات والمحاصيل الزراعية، حيث يؤدي إلى موت المحاصيل وأحياناً موت المزروعات الشجرية كاملة، وهي التي تحتاج إلى سنوات حتى تعود كما كانت.

بحسب خبرة أهل الريف فإن هناك العديد من المؤشرات على قرب حدوث الصقيع، ومنها أن الفترة التي تلي الأيام المثلجة هي أيام صقيعية عادةً، وكذلك ليالي "الصحو" المبللة أي التي تعقب هطول المطر، أما الليالي "الصحو" غير المبللة فتشهد ما يسمى "خوزك" وهو صقيع خفيف للغاية

ويضاف إلى الصقيع في تأثيراته السلبية بالمزروعات ما يسمى محلياً "الهواء الأسود" أو الشمالي – القطبي، ومن نتائجه موت الأشجار في مناطق مروره بالكامل خاصة عند الوديان والسفوح الجبلية المواجهة لجهة الشمال».

عبد الرحمن حسين - مزارع

وحول دلائل اقتراب هبوط الصقيع في العرف الريفي قال: «بحسب خبرة أهل الريف فإن هناك العديد من المؤشرات على قرب حدوث الصقيع، ومنها أن الفترة التي تلي الأيام المثلجة هي أيام صقيعية عادةً، وكذلك ليالي "الصحو" المبللة أي التي تعقب هطول المطر، أما الليالي "الصحو" غير المبللة فتشهد ما يسمى "خوزك" وهو صقيع خفيف للغاية».

وتحدث المزارع "عبد الرحمن حسين" عن الإجراءات التقليدية المنفذة من قبل المزارعين لحماية المزروعات من الصقيع، قائلاً: «من الصعب حماية المزروعات من الصقيع وتأثيراته السلبية بالكامل، لكن هناك عدد من الإجراءات يلجأ إليها المزارعون للتخفيف من تلك التأثيرات، وأهمها تلك المزروعات التي يمكن حمايتها وتغطيتها بواسطة النايلون ليلاً وخلال الصباح الباكر، ويمكن اللجوء إلى هذه الطريقة عندما تكون الأشجار قليلة العدد كأشجار الليمون والبرتقال في حاكورة البيت، أو الغرسات والشتلات الصغيرة في المزرعة.

ممدوح طوبال - مهندس زراعي

كما يلجأ المزارعون إلى تسميد أشجارهم بمخلفات الحيوانات، فمن المعروف أن هذه المادة تمنح التربة حرارة مستمرة؛ وبالتالي تساهم في منع تجمد التربة حول سوق الشجر أو التخفيف منه، ومن الطرائق الشائعة إشعال النيران بين الشجر بهدف خلق الحرارة التي تمنع هبوط الصقيع في الموقع».

وسألنا المهندس الزراعي "ممدوح طوبال" حول الحلول التي يقدمها للمزارعين في هذا المجال، فأجاب: «تتألف النباتات من نسج حية يدخل في تركيبها الماء الذي يلعب الدور الأساسي في التفاعلات الحيوية ضمن الخلايا النباتية لاستمرار نموها، لذا فإن انخفاض درجات الحرارة إلى الصفر وما دونه يؤدي إلى تجمد الماء ضمن هذه الخلايا وبالتالي موتها.

تأثير الصقيع في المواسم

وهناك تحولات فيزيولوجية وكيميائية في تركيبها وسلوكها لحماية نفسها وتأقلمها مع الظروف البيئية السائدة، وتزيد من مقاومتها كتساقط الأوراق خلال فصل الخريف، وتوقف النمو وزيادة الثخانة في أغلفة الخلايا والأنسجة النباتية، وتقليل نسبة الماء فيها، وكذلك تغليف البراعم بأغشية وغير ذلك».

وأضاف: «تختلف تأثيرات الصقيع بالمزروعات بحسب أنواعها وأعمارها ومراحل نموها واتجاه ومكان زراعتها وارتفاعها عن سطح البحر. تبدأ أضرار الصقيع على المزروعات في فصل الخريف، خاصة عندما تكون المزروعات في طور النمو ولم تتوقف بعد؛ حيث يؤدي إلى موت "النموات" والأوراق الغضة، لذا يجب عدم التأخر في المزروعات الصيفية، وعدم المغالاة في تسميد وري الأشجار المثمرة خلال الصيف كي لا تنمو الفروع والبراعم الغضة تحسباً للصقيع الخريفي المبكر.

شتاءً فإن أضرار الصقيع تكون أقل ما يمكن أو معدومة على الأشجار المتساقطة الأوراق والمحاصيل الزراعية الشتوية والزيتون، أما الضرر الأكبر فيكون مع الصقيع الربيعي الذي يأتي خلال شهري آذار ونيسان خاصةً إذا كان شهر شباط دافئاً، حيث ينتهي مرحلة السكون وتنمو النباتات وتتفتح البراعم الغضة لتكّون أوراقاً وأزهاراً، فيأتي الصقيع كالكارثة حينها كما حدث في نهاية آذار عام 2014 حينما قضى الصقيع على "النموات" الخضراء الغضة للأشجار المثمرة في "سورية" و"تركيا" محدثةً خسائر اقتصادية كبيرة، أما إذا كان شهر شباط بارداً ولم تبدأ النباتات بالنمو فتكون الأضرار أقل».

أما عن الحلول الواجب توافرها في هذه الحالات، فأكد: «الوقاية من الصقيع الربيعي وأضراره صعبة للغاية، ولا بد من متابعة محطات الرصد الجوي بدقة ومراقبة التنبؤات الجوية، وبالتالي أخذ الاحتياطات اللازمة بغية التقليل من الأضرار. وأهم الإجراءات التي على المزارعين اتخاذها تتمحور بزراعة أصناف متأقلمة مع البيئة المحلية، وتتأخر في نموها لتفادي الصقيع وتسميد المحاصيل والأشجار المثمرة بالأسمدة الفوسفاتية التي تمد النباتات بالطاقة وتزيد من تحملها للبرودة، واستخدام الري بالرذاذ أو التنقيط قبل حدوث الصقيع وأثنائه لأن الماء المسال على النباتات عند تجمده يعدل من درجات الحرارة المحيطة بالنباتات؛ إذ يرفعها قليلاً. ويُضاف إلى ما تم ذكره، اللجوء إلى حرق المخلفات الزراعية اليابسة والمواد غير الصالحة كالخيش والمواد البترولية الرخيصة؛ كالزيوت المحروقة لإنتاج الدخان الذي يرفع من درجات حرارة الموقع، وأخيراً تغطية الشتلات والغراس الصغيرة بالنايلون وتدفئتها».