أديب وقاص وناقد معروف على الساحة الثقافية السورية والعربية بأعماله الإبداعية الأدبية الشعرية والنقدية، هو الأديب "عبد الكريم المقداد".

بتاريخ 13 أيلول 2014، مدونة وطن "eSyria" التقت الأديب "المقداد" الذي قال: «نشأت في بيت ريفي لم يكن فيه من الكتب إلا "المصحف الشريف" و"تفسير الجلالين"، أمي لا تقرأ ولا تكتب وأبي لم يكمل الابتدائية لذا لم أستطع الانضمام إلى كوكبة كتاب القصة القصيرة والرواية الذين جرت العادة أن يتباهوا بما أثرى مخيلاتهم من حكايا الأمهات والجدات، ولكن مكتبة زوج أختي الكبرى كانت الباب الذي عبرت منه نحو العالم حيث تعرفت خلالها على "جبران خليل جبران، والمتنبي، والجاحظ، والأصفهاني، وأبي العلاء المعري، ونزار قباني، وتشيخوف، وتولستوي، وغوركي"، وغيرهم».

منتهى أملي حالياً أن يعود الأمن والأمان إلى ربوع الوطن لأعود وأسرتي الصغيرة إلى أسرتي الكبيرة في "سورية"، فما عاد لنصال الغربة موضع في روحي وجسدي لتمارس عربدتها فيه، لدي مجموعة قصصية وكتاب آخر جاهزان للطبع لكنني لن أطبعهما إلا في "سورية" الطالعة من الرماد قريباً بإذن الله

ويتابع: «حين انتقلت إلى "جامعة دمشق" بهرني انفتاح العالم أمامي على مصراعيه، كما أثلجت صدري بسطات الكتب التي كانت تفترش الأرصفة هنا وهناك وتبيع شتى الكتب وبأسعار زهيدة، كما لعب الحظ دوره في بداياتي الأدبية من خلال صديق تعرّف على موظف في مستودع كتب وزارة الثقافة، إذ كان يجلب لنا ما لذ وطاب وبالمجان، في هذه البيئة الجديدة ووفرة الكتب ومتابعتي للصحف والمجلات تعرفت على الواقع الثقافي، وفي تلك الفترة كتبت ولكني أهملت الكثير من القصص والمقالات حيث كنت أتركها لفترة وحين أعود إليها لا تعجبني أمزقها، بقيت على هذه الحال حتى وجدت تشجيعاً قوياً من الأصدقاء فتواصلت مع اتحاد الكتاب العرب وفوجئت بنشر معظم ما كنت أكتب؛ فاتسعت بذلك الدائرة وصرت أنشر في الصحف اليومية، ولا أنسى هنا تشجيع ومساعدة القاص والروائي "حسن حميد"، والشاعر "وليد مشوح"، والقاص "وليد المصري"، وغيرهم من الأصدقاء».

تضاريس المتعة -من أعماله

وعن رحلة الاغتراب يضيف: «حين استتبت لي أمور النشر وصار اسمي متداولاً إلى حد ما، كنت على عتبة التخرج في الجامعة، وكانت الأحوال المعيشية للأسرة في الحضيض؛ فاغتربت في العام 1992 لتبدأ معها مرحلة من القهر والمرارة وما زالت متواصلة حتى اليوم، باختصار لقد تكسّرت روحي منذ غادرت "سورية" وما زلت ألمم شظاياها دون جدوى، في "الكويت" حيث أقيم وجدت فيها منابر النشر ميسرة لكل جاد فبدأت رحلة الكتابة في الصحف والمجلات، حيث كتبت في مجلات "العربي، والكويت، والبيان"، إضافةً إلى الصحف اليومية مثل: "صوت الكويت، والقبس، والوطن، والسياسة، والرأي"».

وعن شهرته في الوسط الثقافي يقول: «لقد كان لكتاباتي صدى طيب في الوسط الثقافي الكويتي جعل الكثيرين يسألون عني ليتعرفوا عليّ، فكوّنت بذلك علاقات جيدة مع الأغلبية لكن عدداً من الكاتبات والكتاب ممن أدمنوا المدح و"التطبيل والتزمير" لكل ما يكتبون وجدوا صعوبة في استساغة كتاباتي التي لا تعرف المجاملة، على الرغم من أنني كنت أكتب عن النصوص لا عن شخوص مؤلفيها، زد على ذلك انتشار "الشللية" الثقافية ومحاولة كل "شلة" جرّي للانضواء تحت جناحها، لكنني فضلت البقاء حراً ولا أنكر تأثير ذلك فيّ نوعاً ما لكن لم أقم له وزناً، ففي تلك الفترة طلبني مدير "دار سعاد الصباح" الشاعر والإعلامي السوري "محمد خالد قطمة" رحمه الله، ذلك الرجل المتخم بوطنيته وإنسانيته حتى النخاع وضمني إلى لجنة تحكيم جائزة "سعاد الصباح" للقصة والرواية التي بقيت فيها على مدار سنوات عديدة، كما انضممت إلى هيئة تحرير مجلة "الكويت" الشهرية الصادرة عن وزارة الإعلام الكويتية، وأزعم أنني تمكنت والزملاء من رفع مستواها الثقافي خلال الفترة من منتصف تسعينيات القرن المنصرم حتى أوائل القرن العشرين، حيث عمدنا إلى إعداد ملفات عن أهم الأدباء والأديبات في الوطن العربي أمثال "أحمد باكثير، ونزار قباني، ونجيب محفوظ، وإسماعيل فهد إسماعيل"، وغيرهم، لقد أثبتت المجلة في تلك الفترة حضوراً فاعلاً في مختلف الأقطار العربية».

ملامح الحركة القصصية في الكويت -من أعماله

وعن عمله حدثنا قائلاً: «عملت سنوات عديدة سكرتيراً لتحرير مجلة أسبوعية تدعى "مرآة الأمة"، ثم سكرتيراً لتحرير قسم الأخبار المحلية في صحيفة "الوطن" الكويتية وهو عملي الحالي الذي قضيت فيه حتى الآن نحو خمسة عشر عاماً، ولي أن أجأر بالشكوى من إرهاق هذا العمل اليومي الذي يستنزف معظم وقتي وجهدي، فقسمي معنيّ بنشر نحو ثلاثين صفحة يومياً في صحيفة يفوق عدد صفحاتها أحياناً الثمانين».

وحول أهم نتاجاته في الغربة قال: «عموماً، وعلى الرغم من اثنتين وعشرين سنة عشتها في الغربة حتى الآن أعترف بأنني مازلت أجتر الذاكرة كأنما حياتي الروحية توقفت منذ أن خرجت من "سورية"، ولذلك حرصت على عدم الانقطاع عن المشهد الثقافي في "سورية"؛ فكنت عضواً في اتحاد الكتاب العرب أكتب بين وقت وآخر في دوريتي "الأسبوع الأدبي"، و"الموقف الأدبي"، كما حرصت على نشر مؤلفاتي في "سورية"؛ حيث طبعت مجموعتي القصصية الأولى "وقائع موت شامة" في "دار نينوى" بدمشق العام 2005، كما صدر كتابي النقدي "ملامح الحركة القصصية في الكويت" عن الهيئة السورية للكتاب بوزارة الثقافة العام 2007، ومجموعتي القصصية الثانية "نجوم الظهر" عن اتحاد الكتاب العرب بـ"دمشق" العام 2009، لكنني وأمام ما شهدته وتشهده "سورية" من ظروف مأساوية اضطررت هذا العام إلى إصدار دراستي النقدية "تضاريس المتعة - بحث في تقنيات القصة القصيرة" عن دار "المبدأ" الكويتية».

الأديب السوري موفق فرزات

وختم: «منتهى أملي حالياً أن يعود الأمن والأمان إلى ربوع الوطن لأعود وأسرتي الصغيرة إلى أسرتي الكبيرة في "سورية"، فما عاد لنصال الغربة موضع في روحي وجسدي لتمارس عربدتها فيه، لدي مجموعة قصصية وكتاب آخر جاهزان للطبع لكنني لن أطبعهما إلا في "سورية" الطالعة من الرماد قريباً بإذن الله».

الفنان والأديب السوري "موفق فرزات" قال حول تجربته: «من خلال معايشتي للأديب القاص والناقد "عبد الكريم المقداد" واطلاعي المستمر على إنتاجه القصصي رأيته يصرّ على "سورنة" عنصري المكان والزمان في قصصه على الرغم من أن الغربة سلخت من عمره أكثر من عشرين سنة، دائماً تشعر في قصصه بأن الشخصية سورية والمكان سوري، والأكثر تميزاً عند "المقداد" هو الألم الداخلي الدفين الذي يعجن شخصياته ولا يستطيع البوح به، ما يميز "المقداد" أيضاً ومن وجهة نظري هو انصرافه التام عن التفاصيل إذ يضرب ضربته وينسحب دون أن ينظّر أو يعلّق، ويعتمد على التركيز والتكثيف والاختزال، فلا تجد جملة أو وصفاً زائداً عن الحاجة، "عبد الكريم المقداد" كاتب له خصوصيته المتفردة في تفصيل الحكاية وتكريس إنسانيتها الأدبية إلى حد التشويق، وقد كان لي شرف رسم وتصميم غلافي مجموعته "نجوم الظهر"، وكتابه "تضاريس المتعة"».

يُذكر أن الأستاذ "عبد الكريم المقداد" من مواليد العام 1964، يحمل إجازة في الأدب الإنجليزي من "جامعة دمشق"، نشر الكثير من الدراسات والقصص والمقالات في دوريات اتحاد الكتاب العرب في "دمشق"، وفي العديد من الصحف والمجلات السورية والخليجية.