تنقّل بين "المكسيك" و"سورية" و"اليابان" قبل أن يستقر في الأخيرة وينثر ما في جعبته من بذور الثقافة السورية في تربة الاغتراب.

إنه الدكتور "يوسف كنجو" الذي تحدث لمدونة وطن "eSyria" بتاريخ 28/9/2013 حول تجربته الاغترابية وقال: «بداية أود القول إنني من مواليد العام /1971/ في ريف "حلب"، متزوج ولي أربعة أولاد، أحمل شهادة الدكتوراه في "الأنتربولوجيا" من جامعة "المكسيك" الوطنية عام /2002/، عملت في "سورية" مع عدة بعثات تنقيبية في عدد من المواقع الأثرية كرئيس للبعثة وفي المتحف الوطني بـ"حلب" عملت رئيساً لشعبة التنقيب ومديراً لمتحف "حلب" الوطني كما شغلت منصب مدير آثار ومتاحف "حلب" في العام /2011/».

أقيم في بلد الاغتراب بمعدل محاضرتين علميتين شهرياً، منها محاضرات حول الآثار السورية للعامة وذلك في المراكز الثقافية، كما شاركت ومازلت أشارك في محاضرات للمختصين فيما يتعلق بعصور ما قبل التاريخ السورية وذلك في المؤتمرات والجامعات المختلفة وبشكل أكاديمي

ويتابع: «قصتي مع الاغتراب بدأت من مدينة "مكسيكو سيتي" عاصمة "المكسيك" حيث حصلت في جامعتها الوطنية على شهادة الدكتوراه كما قلت وكانت إقامتي فيها بين عامي /1996 - 2003/ ثم عدت إلى وطني "سورية"، أقيم حالياً في العاصمة اليابانية "طوكيو" فمنذ العام /2006/ كنت أتردد عليها حتى استقريت فيها في العام /2012/».

من محاضراته الأكاديمية حول الآثار السورية في اليابان

وجواباً عن سؤالنا له بما قدمه خلال وجوده في المغترب من مساهمات ثقافية لتعريف المواطن هناك بالثقافة والحضارة السورية، قال "كنجو": «أقيم في بلد الاغتراب بمعدل محاضرتين علميتين شهرياً، منها محاضرات حول الآثار السورية للعامة وذلك في المراكز الثقافية، كما شاركت ومازلت أشارك في محاضرات للمختصين فيما يتعلق بعصور ما قبل التاريخ السورية وذلك في المؤتمرات والجامعات المختلفة وبشكل أكاديمي».

وقال أيضاً: «برأيي إن المغترب هو سفير لبلده في الخارج وهناك شروط يجب أن تتوافر فيه حتى يمثل بلده خير تمثيل وفي مقدمتها الكفاءة الأكاديمية.

الدكتور "يوسف كنجو" تجربة أكاديمية في اليابان

المعروف عن العرب أنهم يسافرون إلى الخارج بقصد التجارة ولذلك يكون هناك تركيز على الجانب الاجتماعي للعرب من قبل مواطني بلدان الاغتراب أكثر من الثقافي والحضاري، ولذا تحظى تجربتي بأهمية خاصة لكونها علمية وأكاديمية بالدرجة الأساس حيث تتضمن المشاركة في النشاطات والمؤتمرات الثقافية وهي الوسيلة الأهم للتعريف بـ"سورية" وبحضارتها وثقافتها».

وحول ما أضافته الغربة إلى تجربته فقال: «الغربة بشكل عام هي فرصة للتعرف على مزيد من الثقافات والتجارب الثقافية، لقد ساهمت سنوات اغترابي في زيادة مخزوني المعرفي وهذا مجال مهم جداً لكونه يزيد من التواصل وفهم الشعوب الأخرى.

لقد قدمت خلال فترة الغربة التي مازلت أعيشها كل ما أستطيع للتعريف بـ"سورية" حضارياً وهي الفرصة الأهم لي إذ قدمت ومازالت أقدم رسالة صحيحة للمواطنين في "اليابان" الذين مازالوا يجهلون ما هي "سورية" وما هو موقعها التاريخي في الحضارة العالمية وماذا قدمت وما السبب في أن "سورية" هي دائماً في موقع مهم من الأحداث العالمية؟

المواطن الياباني محب جداً للثقافة وله اهتمام خاص بالثقافة السورية وخصوصاً عندما يكون هناك حديث عن قرب ومن أشخاص سوريين، دائماً هناك رغبة كبيرة في التعرف على "سورية" وزيارة هذا البلد، وقد لاحظت تفاعل الياباني مع الثقافة السورية كما أقدمها وهذا أمر مشجع جداً للمناقشة والعمل والبحث عن جديد».

وعما تحمل تجربته من ميزات وخصوصية قال: «ميزة تجربتي وخصوصيتها تنبع من كونها تجربة أكاديمية كما قلت سابقاً، وهذا يعني أن كل ما أقدمه للياباني من معلومات حول بلدي هي علمية ودقيقة ومحكمة.

إن "اليابان" هو البلد الأول عالمياً من حيث التطور التقني والاقتصادي، لقد اكتشفت أن وراء ذلك حب الثقافة والعلم، ولذلك أعمل من أجل فهم تجربة اليابانيين من خلال الاستفادة من خبرتهم الثقافية ونقلها بصورة أخرى تتناسب مع مجتمعنا السوري.

يجب ألا يكون الاغتراب إلى ما لا نهاية وإلا فسيكون هذا خسارة للبلد عملياً، لأنه سلاح ذو حدين، فالمغترب يكتسب ويتعلم أشياء كثيرة لكونه مغترباً في بلد آخر وأمامه مجالات قد لا تكون مفتوحة في بلده وهذا يساعده شخصياً في تطوير حياته وفي حال عاد إلى الوطن يمكن الاستفادة منه ومن تجربته بشكل كبير، وإن لم يعد فالخسارة كبيرة».

وختم الدكتور "يوسف كنجو" بالقول: «المعروف أن "اليابان" خسرت الحرب العالمية الثانية واحتلت من قبل أميركا ودُمرت المدن اليابانية باستثناء المناطق الأثرية إلا أنه وبعد خمس سنوات فقط من انتهاء الحرب عادت من جديد لتحقق الاكتفاء الذاتي، وبعد /20/ سنة أصبحت الدولة رقم واحد في العالم وهذا قد يكون عائداً إلى أن "اليابان" نسيت أو تناست الماضي واتبعت حكوماتها سياسة التسامح ونسيان كل ما يتعلق بالحرب حتى إنها حُذفت من مناهج الدراسة فأصبح الياباني ينظر إلى الأمام بغض النظر عما حدث والاعتماد على نفسه والاستفادة من تجارب الآخرين ومحاولة الوصول إلى رقم واحد في العالم وقد حققه فعلياً، برأيي هذه التجربة جديرة بالفهم والقراءة».