اسمٌ لامعٌ في مدينة عرفت بطربها الأصيل، بدأ حياته بمشاركات متواضعة في الإنشاد الديني ووصل عبر الطريق الذي رسمه لنفسه إلى مراتبٍ أخذت منه وقتاً وتعباً وجهداً. مَثَّل سورية في العديد من المهرجانات داخل الوطن العربي وخارجه ملتزماً باللون الطربي الأصيل الذي ما حاد عنه مذ بدأ الغناء حتى الآن.

إنه الفنان "صفوان العابد" الذي كان لموقع eSyria لقاء معه حدّثنا فيه عن بداياته في الفن قائلاً: «ولدت في مدينة "حلب" وهي المعروفة بطربها الأصيل وتميّزها بألوان الغناء الجاد والملتزم، فبدأت مشواري الفنيّ بالزوايا الدينية والغناء الصوفي، وفي عمر السادسة كانت أول حفلة شاركت بها ضمن نشاطات المدرسة على مسرح دار الكتب الوطنية في "حلب"، وكان المحرّض الأساسي الذي يشجعني على الغناء هو والدتي التي كانت تمتلك حنجرة رائعة وصوتاً رخيماً.

أذكر حينئذٍ بعد الوصلة الأولى التي استمرت حوالي نصف الساعة أن الجمهور بقي خمس دقائق يصفق باستمرارٍ أخجلني فعلاً

البداية الحقيقية في الفن كانت عندما تعلّمت على يدي الأساتذة: المرحوم "عبد القادر حجار"، و"عبد الرحمن مدلل"، و"نديم الدرويش" و"عدنان أبو الشامات" ومن هؤلاء العمالقة تعلمت الموشحات والقدود (الغزلية والدينية) على حد سواء والأدوار وكافة قوالب الغناء، فعملت مرِّدداً في إذاعة "حلب" مع المطربين الكبار واستفدت من ذلك بشكل كبير. وبعد ذلك انتسبت لنادي شباب العروبة وأتممت تعليمي عند الأستاذ المرحوم "عبد القادر حجار" وهناك التقيت كبار العازفين في "حلب" وأصبحت أنهل العلم من هؤلاء الكبار وأثناء ذلك أقمت عدة حفلات وسهرات فردية على مسارح "حلب" ومعظم المسارح السورية».

خلال حفل في قلعة حلب

أحيا الفنان "العابد" الكثير من الحفلات أولها كان في مهرجان الأغنية السورية بدورتيه الأولى والثانية، ثم مثَّل سورية في تركيا حيث (الأسبوع الثقافي السوري التركي)، وشارك بافتتاح دار الأوبرا الكبير في "القاهرة" و"الإسكندرية" وافتتاح مهرجان الموسيقا العربية الخامس عشر: «أذكر حينئذٍ بعد الوصلة الأولى التي استمرت حوالي نصف الساعة أن الجمهور بقي خمس دقائق يصفق باستمرارٍ أخجلني فعلاً».

كما كانت له مشاركة في احتفالية "حلب عاصمة الثقافة الإسلامية"، وباختصار فقد أقام حفلات في معظم الدول العربية والأجنبية: «ولكن بقيت تونس لم أقم فيها حفلة وهذا ما أتمنّاه أن يحصل في الأعوام القادمة، لأن الشعب التونسي الشقيق سمّيع ومحب للطرب الأصيل وخاصة الحلبي منه. لكن لم تتوافر الظروف المناسبة حتى الآن كي أغني فيها».

أثناء تصوير مسلسل باب المقام

وعن دخوله مجال الموسيقا التصويرية أضاف قائلاً: «تعرفت على المايسترو "طاهر مامللي" وحدث بيننا تعاون في هذا المجال، فشاركت في غناء الموسيقا التصويرية لعدة أعمال أبرزها "الزير سالم"، "صقر قريش"، "تمر حنة"، "ذكريات الزمن القادم"، "صلاح الدين" مع الفنانة "أصالة نصري"، "ربيع قرطبة"، "كوم الحجر"، "الحصرم الشامي"، "خان الحرير" وغيرها الكثير من المسلسلات وكانت جميعها من غنائي بين شارة ومشاهد».

وعن أعماله الخاصة قال الأستاذ "صفوان": «إن غناء التراث السوري والحلبي تحديداً أبعدنا بعض الشيء عن الأعمال الخاصة، ونستطيع القول أنه أخـّر ظهورها، لكنا تداركنا الموضوع مؤخراً وأنا اليوم بصدد التجهيز لمشروع تسجيلي كبير مع مجموعة من الفنانين يتألف من أربعة عشر جزءاً وكل جزء من مقام مختلف عن الآخر، ويتضمن هذا المشروع "الموشح والدور والقصيدة والموال الشرقاوي والقدود الحلبية الجديدة" التي لم تغنَ بعد. وشكلنا في الفترة السابقة بالتعاون مع "محافظة حلب" فرقة أسميناها "بيرويا" وهو الاسم القديم لمدينة "حلب" وهي مكونة من خمسين عضواً (كورال) وعدد كبير من العازفين الكبار، كما يتم التجهيز ووضع اللمسات الأخيرة على ألبوم خاص بي يحوي سبع أغنيات بعنوان "سمعني صوتك" وهو من اللون الطربي الصرف، ولكن بصبغة أخف تلائم الذوق الشبابي السائد مع المحافظة على الأصالة وجمال الكلمة والنغم، وبما يخص التلحين قدمت للفنان "نور مهنا" أغنية بعنوان "سألت أنا أهل الغرام".

صفوان العابد

كما لحّنت موشحاً على مقام البيات الشوري، ودور بعنوان "أنا اللي قلبي عاش تايه"، والآن ألحّن أغنية للفنانة "أصالة نصري" عنوانها "كل الحلول" وأيضاً أغنية للفنانة "ألين خلف".

وأتحضر اليوم لتصوير "فيديو كليب" على الطريقة الأندلسية وهو مختلف كلياً عما نراه اليوم من "كليبات"، ويتم فيه تعاون مع عدد من الفنانين الدراميين في سورية مثل "محمد خير الجراح"، "رضوان عقيلي"، "بسام كوسا"، "ديمة قندلفت"، "فايز أبو دان"، ومن إخراج المخرج "الليث حجو" وسيتم الانتهاء من تصويره قريباً».

ومن الجدير بالذكر أن للفنان "صفوان العابد" تجارب في التمثيل الغنائي أبرزها كان في مسلسلي "كوم الحجر"، "باب المقام"، وقد تم تكريمه في عدد من المحافل أبرزها - وهو ما يعتز به - كان في مهرجان الأغنية السورية حيث حاز جائزة "الأورنينا" مرة عن أفضل صوت وأخرى لأفضل لحن لأغنية "أحلى الكلام". كما نال الجائزة الأولى في احتفالية "حلب عاصمة الثقافة الإسلامية"، وأيضاً تم تكريمه من قبل المجمع الموسيقي التابع لجامعة الدول العربية إبان افتتاح دار الأوبرا الكبير. وهناك تكريم من نوع آخر يعتز به أيما اعتزاز هو قول الأستاذ "صباح فخري": «إذا أردت أن أطرب فإني أستمع لصفوان العابد».

بقي أن نذكر أن الفنان "صفوان العابد" متزوج، وأب لأربعة أبناء مناصفة هم: "محمد" و"نور"، "حلا" و"نغم" ومقيم في مدينة "حلب" بشكل دائم.