يعد "الزعتر المطحون" من أشهر الأكلات الريفية وأقدمها، حيث تقوم النسوة الريفيات بإعداده وصنعه بالطريقة اليدوية التقليدية وذلك باستعمال ما توفره لهن الطبيعة من نباتات وأعشاب برية، وعلى الرغم من تراجع الاهتمام بهذه الأكلة التي أصبحت اليوم جزءاً من تراثنا وفلكلورنا إلا أن السيدات المسنات في الريف ما زلن متمسكات بها وبصناعتها.

موقع eAleppo التقى السيدة "فيدان سليمان" في ريف منطقة "عفرين" التي حدثتنا عن أسباب تراجع الاهتمام بصناعة "الزعتر المطحون" التقليدي بالقول: «في البداية أريد القول إنّ "الزعتر المطحون" هو من أكثر الأكلات شعبية في منطقة "عفرين" ويمثل جزءا مهماً من مطبخها التقليدي والتراثي ولكن إعداده وصنعه قد تراجع كثيراً عما سبق وذلك بسبب دخول الزعتر الصناعي وبكثرة إلى الأسواق المحلية وتوافره حتى في محلات البقالة الريفية وبالتالي قلّ الاهتمام به وبطريقة صناعته من قبل الناس».

في البداية أريد القول إنّ "الزعتر المطحون" هو من أكثر الأكلات شعبية في منطقة "عفرين" ويمثل جزءا مهماً من مطبخها التقليدي والتراثي ولكن إعداده وصنعه قد تراجع كثيراً عما سبق وذلك بسبب دخول الزعتر الصناعي وبكثرة إلى الأسواق المحلية وتوافره حتى في محلات البقالة الريفية وبالتالي قلّ الاهتمام به وبطريقة صناعته من قبل الناس

وحول مزايا هذه الأكلة تضيف "فيدان" قائلة: «إنّ هذه المادة الغذائية المصنوعة يدوياً هي من أقدم الصناعات الغذائية التقليدية في الريف وأكثرها لذة وأطيبها مذاقاً وهي فوق هذا وذاك طبيعية 100% إذ يدخل في تركيبها وإعدادها مجموعة من المواد الغذائية الأولية التي توفّرها الطبيعة أو نزرعها بأيدينا، وهي: "الزعتر البري الأخضر" وحبات "البطم" و"السماق" و"السمسم" و"البرغل" و"بذور القرع" و"الحمّص" و"الكعك" و"فستق العبيد" و"الكمون" و"الملح"».

إعداد السماق

أما السيدة "نازلية إبراهيم" التي كانت مشغولة بإعداد الزعتر لأسرتها فقد تحدثت حول مراحل صناعة "الزعتر المطحون" قائلةً: «خلال فصل الربيع نقوم برحلات إلى الجبال القريبة وذلك لقطف وجلب ما نحتاجه من النباتات البرية التي تدخل في صناعة الزعتر المطحون مثل الزعتر الأخضر ذي الرائحة العطرة، أما خلال فصل الصيف فنقوم بجولة أخرى في الجبال وذلك لجلب "السّماق" و"البطم" المادتين الرئيسيتين اللتين تدخلان في صناعة "الزعتر المطحون" إضافة إلى "الزعتر الأخضر".

بعد جلب "الزعتر الأخضر" إلى البيت نقوم بوضعه على صينية مسطحة ونعرّضه لأشعة الشمس لعدة أيام حتى يجف ويتيبس تماماً وبعد ذلك نقوم بفركه بواسطة اليدين حتى يصبح ناعما، أما "السمّاق" فبعد جلبه نقوم بدقه بواسطة مطرقة خشبية خاصّة حتى يصبح ناعماً أيضا».

البطم البري

وأضافت: «بعد ذلك ننتقل إلى المرحلة التالية ويتم فيها وضع قليل من الماء المالح في طنجرة والبدء بعملية قلي "البرغل" و"الحمّص و"بذور القرع" وبعد الانتهاء من القلي يتم خلطها مع "الزعتر الأخضر" الذي تم فركه ومن ثم يتم تجهيز الخليط بالكامل والذي يتألف من المواد التي تم ذكرها سابقاً ومن ثم البدء بعملية الطحن اليدوي بواسطة طاحونة الحجر البازلتي حيث يوجد في كل قرية طاحونة أو اثنتين، وبعد الانتهاء من طحن الخليط يتم وضع "السمسم" المقلي و"السماق" المطحون عليه لإعطائه النكهة اللذيذة والطيبة، وحفظه في أكياس قماشية خاصّة وذلك بتعليقه في أماكن تكون تهويتها جيدة وبعيدة عن الرطوبة وبالتالي العفونة».

وحول ما إذا كانت الريفيات يقمن ببيع هذه الأكلة في الأسواق قالت "نازلية": «بشكل عام فإنّ كل امرأة في الريف تقوم بإعداد هذه الأكلة لأسرتها ليتم تناولها على مدار السنة، أو تقوم بعض النسوة بصنعها وإعدادها لترسلها إلى أقربائها وأصدقائها في المدينة فهي من أفضل الهدايا التي يتم إرسالها لأهل المدن، أما البيع في الأسواق فهو الآن قليل جداً قياساً للسنوات السابقة بسبب منافسة الزعتر الصناعي فقديماً كنا نقوم ببيع "الزعتر المطحون" للعطارين والباعة الجوالين في القرى وبمقابلها كنا نشتري ما يلزمنا من مواد مثل الأقمشة والكحل وتراب البيلون وغيرها».

الزعتر البري

وختمت حديثها بتقديم النصيحة للجيل الحالي: «مطابخنا الشعبية والتراثية من أغنى المطابخ في العالم من حيث تنوع المأكولات فيها وجودتها وصحيّتها وهي تعتمد على المواد الطبيعية الصديقة للجسم والصحة ولذلك أدعو أبناء وبنات الجيل الحالي العودة إلى مطابخنا التقليدية والاعتماد على أكلاتها المتنوعة والتي تلبي جميع الأذواق والابتعاد قد المستطاع عن الوجبات السريعة والمعلّبات الجاهزة لأنّ بناء الأجسام السليمة يتطلب الغذاء الصحي والسليم، فالسبب في انتشار الكثير من الأمراض العصرية سببها الابتعاد عن مطابخنا التراثية والدليل أنّ النظام الغذائي لكبار السن بيننا وخاصّة في الريف كان أساسه تلك الأكلات الشعبية التي قلما نجدها اليوم على موائدنا».