من "حلب" انطلق إلى المملكة الاردنية الهاشمية الشقيقة بسبب طبيعة عمل الوالد ليكبر فيها وينمو، ومن "الأردن" انطلق ليصبح واحداً من أهم المنشدين في الوطن العربي والمؤدين لنمط الأغاني الملتزمة، يملك خامة صوت مميزة أدت لأن يعرض عليه أداء الأنماط الغنائية التقليدية من قبل شركات إنتاج كبيرة، إنما أصرّ أن يبقى ضمن المسار الذي هو فيه والذي هو النمط الفني ذي الرسالة. وحاليا يلقى محبة كبيرة من الأطفال من خلال تواجده في قناة "كراميش" القناة التربوية الهادفة الموجهة للأطفال.

"هو الفنان والمنشد "موسى مصطفى" والذي التقيناه في مدينة "حلب" على هامش زيارته للمدينة وإحيائه للحفلة الفنية الموجهة للأطفال والتي أقامتها جمعية "دار الفتاة لرعاية اليتيمة" حيث دار الحوار التالي...

«أنا من أهل مدينة "حلب" حيث ولدت فيها ومن ثم انتقلت إلى "الأردن" عندما كان عمري عام واحد بسبب ظروف عمل الوالد». بهذه الكلمات يفتتح السيد "موسى" حديثه معنا ويتابع قائلا:

السيد "موسى" أثناء حفلة فرقة "كراميش"

«خلال سنوات وجودي هناك، كانت لي عدة زيارات إلى مدينة "حلب" لأتواصل مع باقي أفراد عائلتي إنما على فترات متقطعة».

وخلال وجوده في "الأردن"، بدأ السيد "موسى" الغناء، حيث شارك لأول مرة في مهرجان "الجامعة الأردنية" السنوي الذي جرى في العاصمة "عمان"؛ حينها كان في الرابعة من العمر حيث يعلق على هذا الموضوع قائلا:

السيد "موسى" مع فتيات "دار الفتاة اليتيمة"

«كانت التجربة آنذاك تجربة مميزة بالنسبة لي حيث كانت وقتها أول مشاركة كبيرة لي في مجال الغناء. وقتها قمت بالغناء عن الوطن والمحبة والسلام والأخوة والصداقة والبسمة والأمل وعن الحب إضافة إلى كثير من المواضيع الإنسانية الأخرى».

البداية الفعلية له كما يقول كانت في العام /1987/ والتي بدأ فيها بالغناء خارج حدود دولة "الأردن" حيث يضيف قائلا:

«بدأت اعتبارا من العام /1987/ بإحياء عدد من الحفلات في عدد من دول العالم منها الدول العربية، ومنها عدة دول أوروبية. ويمكن أن أعزو سبب اتصال قناة "كراميش" بي لاحقا لكي أعمل معها إلى امتلاكي لرصيد وخبرة كبيرة ستكون مفيدة للقناة والتي حصلت عليها واكتسبها خلال تجوالي في الخارج حيث أصبحت على دراية بتفكير كل من الكبار والصغار».

وكانت النقلة النوعية المميزة له مع انتقاله للعمل مع قناة "كراميش" القناة التربوية الموجهة للأطفال والتي يقول عن تجربته فيها:

«عندما عرضت علي القناة العمل معها، وافقت دون تردد خصوصا وأن فكرة العمل لديهم تلاقت مع الفكرة التي تدور في رأسي حول أهمية وجود جهة إعلامية تدعم الفنان، على اعتبار أنه إذا أراد الفنان النجاح وتحقيق صدى وانتشارا واسع فلابد من وجود جهة إعلامية ترافقه وترعاه. مهما كان صوته مميزا، ومهما كان مبدعا في فنه وعامله؛ فلابد من وجود جهة تقوم بتبنيه فنيا خصوصا في هذا العصر، وذلك على اعتبار أنه إذا تبنت جهة ما فنانا ـ حتى لو كان الفن الذي يقدمه فنا متواضعا ـ فسوف يستطيع أن يصل للناس أكثر. وهناك الكثير من الأمثلة التي تتحدث عن أغانٍ حققت شهرة كبيرة جداً رغم أن مستواها الفكري كان متواضعا، ومستواها الفني كان فقيرا والسبب كان وقتها هو في وجود قناة تبنتها وروجت لها بشكل كبير».

ويتابع بأنه وافق على المشروع بشكل فوري مضيفا بأنه حاليا يقطف ثمار التعب والجهد في العمل معها.

وللسيد "موسى" نمط فني ملتزم مختلف عن الأنماط الأخرى حيث يعبر عنه بكلماته هو قائلا:

«هو نمط فني وإنساني ملتزم. برأيي أنه يجب على الفنان أن يكون صاحب رسالة ومؤمن بها كي لا يكون فقط "فنان حسب الطلب"! يجب أن يكون لكل شخص هدف في الحياة يعمل على تحقيقه مع وجود قيمة ومعنى في هدفه يوصلها للناس، ولا أستطيع تحمل فكرة ألا يكون لي هدف ورسالة. ذات الأمر ينطبق على الرسام والشاعر والموسيقي وتقريبا كل البشر».

ويضيف أنه عرض عليه الكثير من المشاركات من قنوات ومؤسسات إنتاج لكي يدخل مجال الغناء العادي إنما رفض والسبب كما يقول:

«قبل أن أعلل سبب رفضي فإنني أود أن أوضح هنا أنه ليس كل الأغاني التي تقدم حاليا لا تحمل أي معنى، سبب رفضي كان في أنني أخاف أن أقدم شيئا يمكن أن يحمل إسفافا أو ابتذالا الشيء الذي لا أريده أبدا. اعتقد أن الفن رسالة وفكرة وأن الله سوف يحاسبني على صوتي وموهبتي وما عملته بهما وما قدمته للإنسان عن طريقهما يوم الحساب».

ويقدم السيد "موسى" عددا من الأغاني الملتزمة ضمن قناة "كراميش" والتي تحض على فعل الخير حيث يقول عنها:

«كانت فكرة القناة تتمثل في تقديم برامج تهتم بالأطفال. من هذا المنطلق جاءت فكرة مجموعة "كراميش"، وهي فريق مؤلف من منشدين كبار وصغار السن ومن العنصر الطفولي أيضا. وقد بدأ هذا المشروع منذ ثمانية أشهر بعدد أشخاص هو /10/ ما بين فنانين وأطفال. ما يميز هذه القناة هو اتخاذها لمنحى مختلف وتقديم الأغنية الهادفة التي تعمل المعاني الجميلة للطفل إضافة إلى تميزها في كيفية طرح هذه الأغاني من خلال الفكرة والصورة».

وقد حققت القناة نجاحا كبيرا بين الأطفال في سبب يعزوه السيد "موسى" إلى:

«يمكن أن نعزو سبب النجاح إلى القدرة على قراءة عقلية الطفل حيث استطعنا قراءة هذه العقلية ومعرفة كيف نوصل المعلومة لهم. كانت هناك الكثير من المشاكل التي يعاني منها الأهل مع أطفالهم حاولنا الحديث عنها ضمن الأغاني التي تقدمها القناة على اعتبار أن الطفل يتعلم من الأغنية ما قد لا يتعلمه من الأهل. كما قدمنا لهم أيضا مفاهيم أخلاقية يمكنا أن تترسخ في رأسه عبر الكلمات التي تتضمنها هذه الأغاني بلحن جميل وقريب من قلوب الأطفال».

وبعيدا عن القناة، يملك السيد "موسى" أربع ألبومات غنائية أولها هو ألبوم "ليل وقمر" الذي صدر في العام /1998/، وألبوم "ها قد رحلتي" في العام /2000/، وألبوم "لأجلك أغني" في العام /2003/ ، وآخر هذه الألبومات كان ألبوم "أحبيني" الذي صدر في العام /2006/. ويقوم حاليا بالتحضير للألبوم الجديد الذي بدأ بتسجيل ثلاثة أغاني منه.

أما ختام لقائنا معه فكان بمقولة:

«بالتأكيد يمكن لأي إنسان أن يأخذ النمط الملتزم وأن يحقق نجاحاً في الوقت نفسه. بالنسبة لما نراه الآن في اختلال في الموازين التي رأيتها ونشأنا عليها ليس معناها أنها صحيحة، وحبي لتغيير هذا المفهوم من خلال إيصال الرسالة التي أؤمن بها هو ما يعطيني الإصرار والثبات على القيام بما أقوم به».