«لماذا تقصف "إسرائيل" كل هذا القصف؟، هل هي تتحمله على نفسها؟، أين الرؤساء العرب والمسؤولون العرب؟ هل من أحد يسأل ماذا يجري في "غزة"؟، إن ما يحصل في أرضنا ولشعبنا في "فلسطين" اليوم هو إجرام حقيقي بحق الإنسانية وبحق البشرية، نحن لنا الحق بأن نكون هناك ونكون معهم لندافع عن أرضنا، الكل ينادي ويصيح بأعلى صوته: ساعدوا أهل "غزة" لكن هل من مجيب؟ يقولون إن المعابر قد فُتحت وإن المساعدات قد وصلت؟ في الحقيقة لم يصل شيء، الشعوب العربية وحكوماتها تتحمل مسؤولية ما يجري في "غزة"،إن "فلسطين" تتدمر وتحترق والشعب العربي يشاهد بصمت».

هذا ما قاله الطفل الفلسطيني "عبد الرحمن الدربي" وهو طالب في الصف السابع في مدرسة "ميرون" الواقعة في قلب مخيم "النيرب" للاجئين الفلسطينيين بـ"حلب" وذلك أثناء زيارتنا له يوم الأحد 28/12/2008م محاولين أن نصور بعضاً مما يجري في هذه المخيم على أرض الواقع، وكيف يتلقى هؤلاء الفلسطينيون المبعدين عن أرضهم أخبار ما يجري في"غزة".

هناك مؤامرة تحاك ضد الشعب الفلسطيني من بعض الأنظمة العربية وتقدم بأداة إسرائيلية، نحن نطالب بالوحدة الوطنية ودعم الفصائل الفلسطينية "حماس وفتح" وكل الإخوة في "فلسطين" كما نطالب الشعوب العربية بالثورة ضد أنظمتها العربية النائمة عن الحق العربي الفلسطيني

أما الطفل "محمود حنينو" وهو طالب في الصف التاسع في مدرسة "ميرون" يقول عما يشاهد كل يوم صور الدمار والنار والقتل الذي يمارس ضد أهالي "غزة " فيقول: «عندما أشاهد قنوات الأخبار أشعر بالبكاء وأقوم بالدعاء لهم من كل قلبي، حتى إنني أتبرع من مصروفي الخاص في سبيل دعم المقاومة، وأحاول من خلال دراستي عندما أكبر أن أصنع شيئاً لأقدمه تجاه قضيتنا الفلسطينية في سبيل تحريرها كاملة، نطالب الشعوب العربية أن تقوم بالمظاهرات وتتمرد على حكامها لنصرة الشعب الفلسطيني، وأقول إنه أولاً وأخيراً سيعود الحق لأصحابه مهما طال، وستنتصر "غزة " إن شاء الله».

وفي أزقة المخيم الضيقة، وفي كل المحال التجارية وأماكن تواجد العامة حيث لا يكاد يخلو أي واحد منهم من جهاز "التلفاز" وعينيه ترقب بصمت ما يشاهده على شاشات الفضائيات الإخبارية التي تنقل وقائع الأحداث في "غزة"، فعلى الرغم من البعد المكاني عن"غزة" و"فلسطين" إلا أنك تستطيع أن تشعر بأنك هناك ومعهم لأنهم أبناء هذه القضية وأصحابها. فالتقينا بالشاب "محمود إبراهيم العزام" وهو أحد سكان مخيم "النيرب" ليحدثنا عن رأيه فيما يجري عند أهله في "فلسطين" فقال:

«هناك مؤامرة تحاك ضد الشعب الفلسطيني من بعض الأنظمة العربية وتقدم بأداة إسرائيلية، نحن نطالب بالوحدة الوطنية ودعم الفصائل الفلسطينية "حماس وفتح" وكل الإخوة في "فلسطين" كما نطالب الشعوب العربية بالثورة ضد أنظمتها العربية النائمة عن الحق العربي الفلسطيني».

*كيف هي أجواء المخيم عندما تسمع هذه الأخبار التي تأتي إليه من "غزة"؟

** بصراحة الجو مشحون بالتوتر والغضب العارم، الأهالي في المخيم أوقفوا بيعهم وتجارتهم وحتى أكلهم وباتوا يتناقلون الأخبار لحظة بلحظة، عندما يسقط أي صاروخ إسرائيلي على "غزة" فإنه يسقط على قلوبنا نحن، وفي المخيم كله لن تشاهد مظاهر الحياة الطبيعية ما دام هناك قصف وحصار ودمار».

السيد حسن ترشحاني.JPG

أما السيد "منجد شرفي" وهو من سكان المخيم فيقول عن رأيه حول ما يجري:

«في الحقيقة ليس هناك أي صدمة في الواقع الحالي، كل ما تتعرض له "غزة" من هجمات إسرائيلية فهو متوقع لأنه العدو الأوحد لهم وللأمة العربية ولكونه احتلال بالدرجة الأولى، ولكن الصدمة من هذا الصمت العربي من بعض الأنظمة العربية المتواطئة، انظر الشعب اليمني عندما ثار ماذا فعل!، انظر الشعب اللبناني كيف استقبل أخبار "غزة"! هؤلاء هم الشرفاء، نحن نريد أفعالاً لا أقوالاً، أنا أعتبرها حرب إبادة بحق شعبنا الفلسطيني، ويجب أن نتمسك بخيار المقاومة لا غير».

*ما تأثير هذه الأخبار على الواقع اليومي في المخيم؟

**«كل الناس تركت أعمالها وتجمعت في المقاهي وفي الدكاكين لتسمع وتشاهد ما يجري، وليس المهم أن تسمع هي، ولكن المهم أن يسمع العالم بأسره ويشاهد ما يحصل، الحياة في المخيم شبه متوقفة، هناك بعض الحالات الإسعافية المباشرة للمرضى والحوامل، وهناك إسقاطات في بعض حالات الحمل نتيجة التأثر بما يحصل، هناك أناس كبار في السن كانوا في السابق في فلسطين وأخرجوا وفي كل يوم يتأملون في العودة، لكن في المقابل هناك حالة وحدة وطنية عارمة، وحدة الصفوف، كل أبناء المخيم تجتمع وتقف مع بعضها، ليس هناك "فتح، حماس، فصائل" أو غيرها هنا كلهم شعب فلسطيني يبحث عن حل لقضيته وإن شاء الله سيجد هذا الحل».

وانتقلنا إلى السيد "حسن ترشحاني" مسؤول حركة "حماس" في منطقة "حلب" وسأله عن رأيه فيما يجري في قطاع "غزة" فقال: «المستهدف الوحيد من هذه العملية هو مشروع المقاومة ومشروع الإصلاح والتغيير وهو مشروع نهضوي والذي تمثله حركة "حماس"، فليس مشروع "حماس" إطلاق الصواريخ فحسب بل هو مشروع جهاد وإصلاح، وهم يريدون إنهاءه تماماً ولن يقدروا إن شاء الله، وبارك الله في "سورية" قلعة الصمود والممانعة والتي لها الدور الرئيسي والأساسي في دعم القضية الفلسطينية وهي من الأوئل في حماية مشروع المقاومة ليس في فلسطين بل في العالم أجمع، ونحن حريصون على أن يسود الأمن والاستقرار وألا ينعكس هذا الواقع إلى الداخل الفلسطيني على الأجواء في مخيمنا، كما أننا نحرض على إقامة علاقات طيبة أخوية وممتازة جداً مع الإخوة في الفصائل الفلسطينية الأخرى، ويسوءنا أن يتخاصم أخوان في بيت واحد».

*ماذا تقومون من نشاطات خلال هذه الفترة بالتزامن مع القصف الإسرائيلي الغاشم على "غزة"؟

**«نحن أقمنا ظهر اليوم مسيرات كبيرة في مخيم "حندرات" وشاركنا في مسيرتين في مخيم "النيرب" وأقمنا ندوة استضفنا فيها السيد "سامي أبو زهري" المتحدث باسم حركة "حماس" القادم من قلب "غزة" المحاصرة والذي كان في قيادة المسيرة الجماهيرية، كما أننا نحضر لمسيرة جماهيرية غفيرة بالتعاون مع الفصائل الفلسطينية الأخرى في المخيم للتواجد في ساحة "سعد الله الجابري" في "حلب" على غرار المسيرة الكبرى التي انطلقت في "دمشق" اليوم، ونحن نقوم الآن بالتنسيق مع إخوتنا في بقية الفصائل لرفع علم فلسطين إلى جانب علم المقاومة».