عادة شعبية قديمة مرتبطة بالأحلام والأمنيات الوردية، أو لحاجة ما يسوقها صاحبها عند شباك مزار نبي، أو وليّ صالح، حيث يقوم الراغب بالحاجة بوضع قفل على الشباك، ورمي المفتاح بعيداً عن الأعين.

في "حلب" الشهباء يقف شاب أمام شباك حديدي في الجامع "الأموي الكبير" ليضع قفلاً كبيراً على نية أن يعود صديقه الغائب منذ سنوات طويلة خلف البحار، فهذا القفل الذي رمى مفتاحه بعيداً قد يكون جالباً للأمل كما كان يعتقد. وهو كغيره من الناس الذين آمنوا بهذه العادات والموروثات في كثير من بلدان العالم.

هو أمر لا علاقة له بالعلم، قد يدخل من باب الأحلام والتمنيات والمعتقدات المتوارثة التي جاءت هكذا بالمصادفة بعد فقدان الأمل من تحقيق شيء. فمنذ أيام ذهبت إلى أحد الشبابيك التراثية القديمة لأحد المقامات الدينية المعروفة، ووضعت قفلاً متوسط الحجم على حديده الأصفر القديم، ورميت المفتاح لتدوم صداقتي إلى الأبد مع رفيق طفولتي التي شاءت الظروف والحرب أن تفرقنا، ويهاجر إلى الخارج. وكلما أشتاق إليه آتي إلى الشباك لزيارة القفل الذي لا يزال موجوداً، أما المفتاح، فقد ابتلعه الوقت والمكان. أنا على أبواب التخرّج في الجامعة، وهذا لا يضعني في زاوية التخلف، وكل الذي قمت به خطوة نحو آمال أتمناها أن تتحقق

مدونة وطن "eSyria" تواصلت بتاريخ 22 نيسان 2018، مع الطالب الجامعي "عمر حاج خميس"، ليتحدث عن هذا المعتقد: «هو أمر لا علاقة له بالعلم، قد يدخل من باب الأحلام والتمنيات والمعتقدات المتوارثة التي جاءت هكذا بالمصادفة بعد فقدان الأمل من تحقيق شيء. فمنذ أيام ذهبت إلى أحد الشبابيك التراثية القديمة لأحد المقامات الدينية المعروفة، ووضعت قفلاً متوسط الحجم على حديده الأصفر القديم، ورميت المفتاح لتدوم صداقتي إلى الأبد مع رفيق طفولتي التي شاءت الظروف والحرب أن تفرقنا، ويهاجر إلى الخارج. وكلما أشتاق إليه آتي إلى الشباك لزيارة القفل الذي لا يزال موجوداً، أما المفتاح، فقد ابتلعه الوقت والمكان. أنا على أبواب التخرّج في الجامعة، وهذا لا يضعني في زاوية التخلف، وكل الذي قمت به خطوة نحو آمال أتمناها أن تتحقق».

"علاء السيد" وصديقه الفرنسي على شباك "مار جرجس الخضر"

المحامي "علاء السيد" المهتم بالتوثيق والأبحاث التاريخية، تحدث عن هذه العادة بالقول: «كانت العادة أن يضع صاحب الحاجة قفلاً، أو يربط خيطاً ملوناً عند مقام من يعتقد أنه سيساعده في قضاء حاجته أو يحقق أمنياته. فعلى شباك مقام النبي "زكريا" في الجامع "الأموي الكبير" كانت هناك عشرات الأقفال. وعلى شباك مقام "مار جرجس الخضر" في "باب النصر" كانت هناك الأقفال أيضاً، إضافة إلى آثار ذوبان الشموع التي كانت توقدها السيدات على النافذة. فالزوجة تضع قفلاً كي تضمن قلب زوجها، والأم تضع قفلاً كي تضمن عودة ابنها، والمحبون يضعون قفلاً كي يضمنوا دوام المحبة، وجميعهم يرمون المفتاح بعد إغلاق القفل. هي عادات وتقاليد تراثية عالمية موجودة في عدة بلدان حول العالم، وخاصة في الدول الأوروبية. إذاً، هي ليست عادة محلية فقط، بل هي ظاهرة تستحق الدراسة والبحث عن الجذور».

وعن امتداد هذه المعتقدات في العالم، أضاف المحامي "السيد": «قبل أن يغادر الشاب الفرنسي "إيتيان" مدير البعثة الفرنسية لمسيحيي الشرق في "حلب" إلى بلاده ليتزوج هناك خطيبته التي يحب، بعدما أمضى في "حلب" نحو عام، قدم خلالها عبر البعثة الفرنسية مجموعة كبيرة من مختلف أنواع الأعمال الخيرية لأهالي المدينة، قرر رفاقه أن يكون حفل وداعه الرمزي في موقع "باب النصر" الأثري. قال لي: يمكنك أن ترحل عن "حلب"، لكنها ستسكنك للأبد. كنت أتمنى أن أقيم وزوجتي هنا فيما لو تسمح لي ظروف عملي.

النذور بالشمع لتحقيق الأمنيات، تصوير "أنطوان مقديس"

"إيتيان" أوقد شمعة على نافذة مقام "مار جرجس الخضر" على نية أن يعم السلام في "سورية"، وزرع شجرة زيتون أمام "باب النصر"؛ بأن جذوره هنا ستمتد عبر التاريخ نحو المستقبل، كما أنه أغلق قفلاً يصل بين قلبه ونافذة "مار جرجس الخضر"؛ كدليل على ارتباطه الأبدي مع روح هذه المدينة التي سكنته وسكنها. إذاً، هذه المعتقدات الإنسانية البريئة متأصلة في عدد كبير من دول العالم، وهي ناتجة عن الحب بالمعنى السامي للكلمة».