حملت جيناتها مواصفات بطلة ذهبية منذ الصغر، ولقّبها مدرّبها بالحورية السورية لما تحلّت به السبّاحة "بيان جمعة" من قدرات بدنية ونفسية، فوصلت إلى العالمية غير آبهة بالصعوبات التي واجهتها متحلية بالصبر والعزيمة والإصرار.

مدونة وطن "eSyria" تواصلت مع السباحة "بيان جمعة" بتاريخ 15 تشرين الأول 2017، وعن جياتها الرياضية قالت: «أحببت رياضة السباحة منذ الصغر، فكانت السفينة التي تحملني لأبلغ هدفي، وبمجرد نزولي في الماء كنت أسبح باتجاه مستقبلي، وكنت مدركة أن هذه المياه التي حملتني ستنقلني لتحقيق أحلامي، التي بدأت بعمر الخامسة، وما زال هناك الكثير لأحققه.

لكل أنثى أقول: إنها تستطيع أن تحقق أحلامها وتسير وراء طموحها بالثقة والعزيمة، ومن المؤكد أن الدعم العائلي له دور إيجابي، فهناك العديد من الصعوبات التي واجهتنا وستواجهنا كرياضيين، لكنها لم تزدنا إلا جلداً وصبراً، وخاصة في ظل هذه الظروف التي يمرّ بها بلدنا

أنا من عائلة رياضية، وبعمر الخامسة كان يصحبني إخوتي معهم إلى المسبح، وكنت أراقب حركاتهم في الماء وأتدرّب عليها باللا شعور، ولاحظ المدرّب أن لدي قدرات جسدية ونفسية تشير إلى بطلة سورية قادمة، حيث كنت أبدو أكبر من عمري لتعلمي للحركات والمهارات التي تتطلبها هذه الرياضة، وبتشجيع من عائلتي وخاصة والدتي تابعت التدريب، والبداية كانت مع نادي الاتحاد عام 2001، فحققت العديد من البطولات على مستوى المدارس، ثم الأندية، ثم على مستوى الجمهورية، وكنت أحصد مراتب متقدمة دائماً. في عام 2007، توّجت كأفضل سبّاحة على مستوى "سورية"، وانضممت إلى المنتخب، وفي ذات العام شاركت في البطولة العربية للسباحة التي أقيمت في "المغرب"، وحصلت على ميداليتين ذهبيتين وميدالية فضية في مسافة 50 متراً، و100 متر، و200 متر سباحة حرة، وفي عام 2008، شاركت في بطولة المدارس العربية للسباحة التي أقيمت في "الأردن"، وفزت بميدالية فضية وأخرى برونزية في 50 متراً، و100 متر للسباحة الحرة، وبعدها شاركت في الألعاب الأولمبية التي أقيمت في "بكين"، وكنت أصغر سبّاحة مشاركة».

تتويج البطلة بيان جمعة بذهبية آسيا

قدرة الرياضي على التحمل والإصرار جزء من شخصيته وينمو معه من الصغر، وهو دافع لتحقيق مراكز متقدمة، وعن إنجازاتها قالت: «شاركت في البطولة العربية للشباب عن الفئة المتوسطة عام 2009، التي أقيمت في "الأردن"، وحصلت على فضيتين، وفي عام 2010، شاركت في بطولة المدارس العربية للسباحة في "لبنان"، وحصدت ذهبيتين وفضية في 50 متراً، و100 متر، و400 متر للسباحة الحرّة، وكنت أول رياضية تتأهل إلى الألعاب الأولمبية للشباب التي أقيمت في "سنغافورة"، وفي تلك المرحلة أصبح لدي حضور على المستوى الدولي والعربي؛ لأنني كنت أحقق العديد من الإنجازات والمراتب المتقدمة في البطولات العربية والدولية».

وعن كونها حاملة اللقب السوري الأفضل للسباحة الحرّة 50 متراً، قالت: «المواصفات الجسدية جسر للفوز، لكن الصبر والمثابرة على التمرين من أهم الصفات التي يجب أن يتحلى بها الرياضي وحملت اللقب السوري الافضل من خلال مشاركاتي في المسابقات الدولية، لمسافة 50 متراً في البطولة الروسية بزمن 26,07 عام 2016، و100 متر للسباحة الحرّة بزمن 57,80 في البطولة العالمية للسباحة التي أقيمت في "كازان" عام 2015، و200 متر للسباحة الحرّة بزمن 2,05 في بطولة الألعاب الآسيوية عام 2014، و400 متر للسباحة الحرة بزمن 4,31، التي أقيمت في "أندونسيا" "الألعاب الأخوية الإسلامية" وذلك عام 2013، و50 متراً في سباحة الصدر 34,80 في "دبي" عام 2014».

مع مدربها فراس درويش

وأضافت: «لكل أنثى أقول: إنها تستطيع أن تحقق أحلامها وتسير وراء طموحها بالثقة والعزيمة، ومن المؤكد أن الدعم العائلي له دور إيجابي، فهناك العديد من الصعوبات التي واجهتنا وستواجهنا كرياضيين، لكنها لم تزدنا إلا جلداً وصبراً، وخاصة في ظل هذه الظروف التي يمرّ بها بلدنا»

وعن مشاركتها في الألعاب الأولمبية، صرّحت قائلة: «عام 2016 كنت أول سبّاحة سورية تتأهل إلى أولمبياد "ريو دي جانيرو"؛ لأكون ثاني رياضية سورية تتأهل إلى الألعاب الأولمبية بعد بطلة ألعاب القوى "غادة شعاع"، وذلك بعد تحقيق شروط التأهل في سباق 50 متراً حرّة ضمن بطولة "روسيا" المفتوحة بزمن 13,26 ثانية، واحتللت المركز 49 من أصل 91 مُشارِكة».

فرحتها بالفوز

وبدوره "ديميتري كوموروف" المدرّب الروسي الذي أشرف على تدريب السبّاحة "جمعة" في "روسيا"، صرّح عام 2016 قائلاً: «إنها مؤهلة لتحقيق نتائج جيدة، وهي نشيطة ودؤوبة على التدريب، ويلاحظ تقدمها بصورة سريعة وواضحة، ولديها قدرات لتحطيم مسافات الخمسين والمئة متر، والرقم الذي سجلته وصلت إليه بعد شهرين فقط من التدريب؛ لذا فإن قدراتها البدنية تؤهلها لتسجيل أرقام أفضل في المستقبل».

وتابعت عن إنجازها الأهم في هذا العام بالقول: «في دورة التضامن الإسلامي التي أقيمت بـ"أذربيجان"، أحرزت فضية بسباق 100 متر حرّة، وبرونزية بسباق 50 متراً حرّة، ثم حصدت ذهبيتين 50 و100 متر حرّة، ولسباق 200 متر حرّة فضية في البطولة الآسيوية في "أوزبكستان"، لأعلن أول سبّاحة سورية تحصل على ميدالية على مستوى آسيا، والإنجاز الأهم في حياتي حصولي على المركز الأول ببطولة "التشكيك" لسباحة 50 متراً حرّة بزمن قدره 26.80 ثانية، لأتفوّق على نخبة من أفضل سبّاحات العالم المشاركات من "بولندا، سلوفاكيا، التشيك"، وكنت قد حصلت في هذه البطولة على الميدالية الفضية لسباق 100 متر حرّة بفارق عشر من الثانية على السباحة البولندية الفائزة بالمركز الأول».

افتتحت بمدينتها "حلب" مدرسة لتعليم السباحة للأطفال والكبار، وعن مشروعها قالت: «رغبة مني بخلق جيل رياضي ينافس بالبطولات العالمية والدولية، ولتمثيل بلدنا في البطولات، وإيماني بأهمية ممارسة الطفل للرياضة وأفضلية التعليم منذ الصغر، افتتحت في مدينتي "حلب" مدرسة لتعليم السباحة، التي ستساعد أطفالنا على التركيز وتقوي مهاراتهم الذهنية وتعلمهم السرعة في الحياة مع الدقة بالتنفيذ، إضافة إلى الفائدة البدنية والطاقة الإيجابية التي ستنعكس على مجتمعنا، وخاصة في ظل هذه الظروف التي يعيشها أطفال بلدنا، ولا يمكن أن ننسى أهمية السباحة للكبار التي تقوي أجسادهم».

وتواصلنا مع المدرّب "فراس درويش" الذي أشرف على تدريب السبّاحة "جمعة" منذ عمر 12 سنة، ولقّبها بالحورية السورية، وقال: «صبورة وتقوم بالتمارين بكل طاقة إيجابية مهما كانت صعبة، وتجتاز الصعوبات التي تعترضها وخاصة في هذه الظروف، كالسباحة في مياه باردة، والحاجة إلى عناية بدنية وجسدية، فجلّ همّها تحقيق مراتب متقدمة ورفع علم بلادها، كما أنها نقلت سكنها من "حلب" إلى "دمشق" لتأمين مستقبلها الرياضي، وهي معروفة بقدرتها على التحمل وتحقيق الأهداف التي ترنو إليها مهما كانت صعبة، واستطاعت أن تحرز ذهبية في بطولة "آسيا"، لتكون أول سورية تحقق مثل هذا الإنجاز، كما أنها تأهلت السنة الماضية إلى الأولمبياد الذي أقيم في "البرازيل"، وأرى أنها تملك قدرات عالية على تحطيم مسافات طويلة، وفي النهاية أقول، إنها بطلة من الصغر، وحالياً تقطف ثمار تعبها وإصرارها على النجاح».

الجدير بالذكر، أنّ "بيان جمعة" تسبح لمصلحة نادي "الجيش"، ومن مواليد مدينة "حلب"، عام 1994.