لم توقفهم الحرب، ولم تزدهم سوى إصراراً على تلوين الوقت بالحركة الجميلة، فأسسوا فرقة "كارني" للرقص التي يعدّها كثيرون من أهم رموز تحدي الحرب والبشاعة في "حلب".

مدونة وطن "eSyria" التقت مؤسسَي الفرقة ومدرّبَيها "فريج تيرزيان" و"نانور تيرزيان" بتاريخ 18 تموز 2017، وعن تأسيس الفرقة قال "فريج": «أنا وزوجتي جعلنا من الرقص أسلوب حياة نتبعه في كل خطواتنا. كان لدينا أحلام كثيرة، خاصة بعد أن تمكنا من احتراف الرقص، لكن -يا للأسف- بدأت الحرب، وكدنا نفقد الأمل، لكن ثقتنا بموهبتينا أعادت إلينا الأمل في ظل ظروف الحرب القاسية.

كنت أظن أن الرقص أمر سهل جداً، لكن مع انضمامي إلى "كارني"، أدركت أن من يريد أن يكون راقصاً جيداً عليه أن يجعل الرقص أسلوب حياة يومية

ففي نهاية عام 2013 وبتشجيع من المطران "هوسيب بيزيزيان" قررنا إنشاء فرقة رقص، وقمنا بنشر الخبر، فأذهلنا عدد المتقدمين للانضمام إلى الفرقة، إذ كنا نتوقع عدداً لا يتجاوز العشرين أو الثلاثين بأفضل الأحوال، لكن العدد كان نحو مئة راقص وراقصة من مختلف الأعمار، وهذا دفعنا لنستمر بالمشروع؛ لأننا شعرنا بأننا كشجرة في صحراء قاحلة. وبعد مرور شهور على بدء التدريبات، قلّ عدد الراقصين وأصبحت الفرقة تضم نحو 60 راقصاً».

فريج تيرزيان

بعد سنة من التدريب وبإمكانيات أولية بدأ الفريق -نتيجة ما زرعه من جهد واستمرارية ومتابعة- حصاد ما زرعه، وأضاف "فريج": «نظمنا حفلتنا الأولى بعد سنة من تأسيس الفرقة تحت عنوان: "ديكران الكبير" نسبة للملك الأرمني "ديكران"، حيث كانت لوحات الرقص تدور حول قصة حكمه من "أرمينيا" حتى "بلاد الشام" وصولاً إلى "حلب". حصدنا نجاحاً كبيراً لم نكن نتوقعه بسبب مخاوفنا من عدم وجود جمهور يتابع الفرقة بسبب الحرب، لكن الحضور الكبير دفعنا إلى زيادة أيام الحفلات».

"نانور" بدورها قالت عن تجربتها مع الفرقة واستمرارهم على الرغم من اشتداد الحرب: «بعد الحفلة الأولى تشجعنا أكثر، لكن الظروف كانت تسوء أكثر، فقد تم استهداف صالة تدريبنا عدة مرات، أحياناً كنا خارج الصالة، وأحياناً أخرى اختبرنا الحماية الإلهية. وسر نجاحنا في تلك الظروف كان إصرارنا وحبنا للرقص والفن.

نانور تيرزيان

مع اشتداد أصوات القذائف، كنا نرفع صوت الموسيقا ونتدرب، وعند انقطاع التيار الكهربائي كنا نتدرب تحت إنارة مصابيح يدوية. شخصياً عشت تجربة رائعة مع فرقتي لكوني راقصة محترفة منذ أكثر من عشر سنوات، ونشأة "كارني" جعلتني أتمسك بالأمل.

وكما قال "فريج"، نجاح الحفلة الأولى دفعنا إلى الاستمرار، وبعد عام تقريباً من الحفلة الأولى، قدمنا حفلة أخرى كانت عبارة عن لوحات راقصة من ثقافات مختلفة تعددت بين القومية والرومانسية».

ميغيتي هابشيان

ومع استمرار تناقص عدد الراقصين ذوي الخبرة، تضاعفت مصاعب الفرقة، أضافت "نانور": «بسبب الهجرة وسوء الأوضاع الأمنية في "حلب"، تناقص عدد الراقصين في الفرقة، خاصة فئة الشباب، لكن هذا لم يوقفنا على الرغم من أن أغلب المغادرين كانوا من الراقصين ذوي الخبرة العالية، فبدأنا استقبال راقصين جدد، ونقوم الآن بتدريبهم ليكتسبوا اللياقة البدنية الكافية للرقص».

وعن خططهم المستقبلية قال "فريج": «نحن الآن نعمل على زيادة اللياقة البدنية لدى أعضاء الفرقة، بعدها سننتقل إلى مشروعنا السنوي الذي سيكون عبارة عن لوحات راقصة تحكي حكايات من أساطير متعددة، وسيتم عرضه بعد عام من الآن تقريباً».

"ميغيتي هابشيان، سورين كيرازيان، وكريستين أردو" ثلاثة راقصين اختبروا تجربة الرقص في "كارني"، يقول "سورين": «كنت أظن أن الرقص أمر سهل جداً، لكن مع انضمامي إلى "كارني"، أدركت أن من يريد أن يكون راقصاً جيداً عليه أن يجعل الرقص أسلوب حياة يومية».

أما "ميغيتي"، فقالت: «انضممت إلى الفرقة منذ بدايتها، وفيها تعلمت الاحتراف واللياقة، والأهم أنني انضممت إلى عائلة لا مثيل لها أحدثت في حياتي فرقاً كبيراً، لا أتخيل نفسي الآن من دون "كارني"».

من جهتها، قالت "كريستين أردو": «من خلال متابعتي لحفلات "كارني"، ازداد شغفي للرقص، خاصة أن ما تقدمه هذه الفرقة مختلف تماماً، لأنها تدمج ما بين الحديث والتراث، فانضممت إلى الفرقة، وأنا الآن أعدّ نفسي محظوظة لأنني كسبت عائلة مثل "كارني" بإشراف "فريج" و"نانور"».