ذكرني وجهه النقي ذو التجاعيد برائعة الكاتب الأميركي "إرنست هيمنغواي" رواية "الشيخ والبحر" لأن تلك الأنواء التي اعتلت وجنتيه، لا بد أن تخبرك قصة صراع طويلة محفورة في ذاكرة الأيام، وتلك النبرة الهادئة المتزنة في الحديث، لابد أن تأخذك بعيدا عن حدود الفن إلى عوالم إنسانية عميقة، نعم هو الفنان، مؤسس نقابة الفنانين في "سورية" وأسرة تشرين المسرحية السيد "عمر حجو".

التقى موقع eSyria يوم الأحد 14/12/2008 السيد "عمر حجو" الذي يعتبر من أهم الوجوه الفنية في "سورية" وفي "حلب" خصوصا وأقدمها جيلا، فحدثنا عن سيرته الفنية منذ نشأتها وعن بداياته الفنية حيث قال: «بدايتي كانت كبداية أي هاو ٍ عشق فناً ما، حيث بدأت مع ثلة من الأصدقاء الهواة ومحبي الفن في النوادي الحلبية مقدمين عروضا مسرحية منحصرة في إطار مسرح الهواة، حيث كان هدفنا التسلية وإرضاء شغف اعترانا لا أكثر، إذ أننا لم نكن نجني أرباحاً مما نقدمه بل كنا في بعض الأحيان ندفع مبالغ من جيبنا الخاص وأكثر مما نحصل عليه، راضين بإرضاء مواهبنا فحسب، لأنطلق فيما بعد إلى مجالات أوسع فتحت لي طاقات فنية جعلتني محترفا للفن وعاملا فيه».

سعينا إلى تأسيس هذه الفرقة منطلقين من مبدأ معروف اجتماعيا يقول "اللي فيو شوكة بتنخزو" إذ عمدنا إلى تقديم عروض مسرحية تعتمد مبدأ "السكيتشات" الضاحكة الناقدة للواقع الاجتماعي برمته، لنوجه رسالة للمخطئين في المجتمع لكي يقوموا على إصلاح ما أخطؤوا به، ومع أن المشروع لم يدم طويلا إلا أنه تطور ونشأ، إذ أنه موجود حتى يومنا هذا ممثلا بمجموعة مسلسل "بقعة ضوء" وما شابه من المسلسلات التي تعتمد هذا المبدأ في الطرح

وفي أحد المراحل الهامة من سيرة الفنان "عمر حجو" مرحلة فرقة "الشوك المسرحية" التي عمل على تأسيسها والعمل بها والتي ما لبثت أن تلاشت، فيخبرنا السيد "حجو" عن هذه الفرقة قائلا:

فرقة الشوك

«سعينا إلى تأسيس هذه الفرقة منطلقين من مبدأ معروف اجتماعيا يقول "اللي فيو شوكة بتنخزو" إذ عمدنا إلى تقديم عروض مسرحية تعتمد مبدأ "السكيتشات" الضاحكة الناقدة للواقع الاجتماعي برمته، لنوجه رسالة للمخطئين في المجتمع لكي يقوموا على إصلاح ما أخطؤوا به، ومع أن المشروع لم يدم طويلا إلا أنه تطور ونشأ، إذ أنه موجود حتى يومنا هذا ممثلا بمجموعة مسلسل "بقعة ضوء" وما شابه من المسلسلات التي تعتمد هذا المبدأ في الطرح».

ولعل المرحلة الأهم في تاريخ هذا الفنان هي مرحلة أسرة "تشرين" المسرحية التي قدمت العديد من العروض المسرحية المشهورة والتي تذاع وتحجز حيزا فنيا كبيرا حتى يومنا هذا حيث يقول عنها السيد "عمر حجو":

لقطة من مسرحية كاسك يا وطن

«بدأ المشروع بتكاتف بين أعضاء الفرقة كافة، حيث جمعنا هدف واحد وفكر واحد، لنشكل فريقا متكاملا يجمعه الحب والتآخي والعمل الجاد، الأمر الذي يعتبر سراً وراء نجاح أعمال الفرقة التي لاقت صدى كبيراً في الأوساط الفنية العربية والسورية، ويعود سبب غياب هذه المجموعة عن المسرح حاليا هو بعض الأشخاص من أعضاء الفرقة الذين غردوا خارج السرب وسعوا إلى إرضاء رغبات ذاتية بعيدا عن المجموعة مما أدى إلى انسحاب أعضائها واحداً تلو الآخر حتى غدت صورة من ذكريات الماضي».

وعند سؤاله عن أسباب سعيه لتأسيس نقابة الفنانين في "سورية" يقول الأستاذ "عمر" مسترسلا:

راسل الموقع مع الفنان عمر حجو

«فكرة تأسيس النقابة انطلقت من وفاة أحد زملائنا الفنانين الذي زرع فينا حزنا كبيرا، فسعينا "نحن أصدقاؤه" إلى الاجتماع على مساعدة أهله وذويه الأمر الذي أربكنا كثيرا، فولدت فكرة إنشاء منظمة ترعى حقوق الفنانين وتقوم على حمايتهم ورعاية ذويهم، ونجحنا بعد سعي دؤوب إلى تأسيس هذه المنظمة التي أطلق عليها اسم نقابة الفنانين السوريين وكانت ترضي الهدف الأسمى الذي تأسست لأجله حيث عملت على مساعدة الفنانين ورعاية حقوقهم بشكل كبير، إلا أنها سرعان ما حادت عن هذا الهدف، لتتحول اليوم إلى مؤسسة حكومية لا أكثر، بموظفين يتقاضون رواتب من عائدات النقابة التي هي بالأصل مرهونة لرعاية الفنان وأسرته».

وفي تقلبات الحديث أشاد الفنان "عمر" بالدراما السورية ولام المسرح الحلبي خصوصا حين قال:

«تشهد الدراما السورية تطورا عربيا كبيرا وتقدما ملحوظا إذ أنها تقدم أعمالا ضخمة تستحق المتابعة والاحترام، نالت شهرة عربية كبيرة، بينما وفي المقابل ألوم المسرح الحلبي لما يقدمه من عروض بعيدة عن القيم الفنية المسرحية، إذ أنها تعتمد المبدأ التجاري لا الفني لذا لا يصح تسميتها بأعمال فنية إنما هي حفلات سمر يتم فيها تبادل النكات والطرف، وألوم في هذا الجمهور المسرحي أولا، ومديرية الثقافة التي لا تولي اهتماما لهذا الشأن، إذ أن أكثر الفنانين السوريين والحلبيين ومنهم "عمر حجو" يبدون استعداد كبيرا لإحياء المسرح لكنهم مترقبون الدعم من وزارة الثقافة الغافلة عن هذا الموضوع إذ أن النهوض بالفن لا يعتمد على شخص أو مؤسسة دون أخرى، بل هو مشروع جماعي تتكاتف فيه كافة الأطراف ساعية إلى هدف واحد».

وختاما لم يكن منا إلا رفع القبعات إجلالا لهذا الفنان المناضل الذي رسم لوحة منسقة الأبعاد واضحة الملامح عن الفن السوري الأصيل وعن النضال المشروع من أجل الرقي بهذا الفن.

يذكر أن الفنان "عمر حجو" من مواليد مدينة "حلب" وعمل في مسرحها وفي تلفزيونها إذ سجل باسمه العديد من المسلسلات التلفزيونية والعديد من الأعمال المسرحية كان أهمها مع أسرة "تشرين" المسرحية إذ نذكر منها (كاسك يا وطن – ضيعة تشرين – غربة)، كما يعتبر المؤسس الأول لنقابة الفنانين في سورية، وخلف جيلا فنيا مشهودا له بأولاده الاثنين المخرج والفنان السوري "الليث حجو" والمخرج المسرحي الفنان طالب المعهد العالي للفنون المسرحية الشاب "سالم حجو".